خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَجَعَلْنَا فِي ٱلأَرْضِ رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِهِمْ وَجَعَلْنَا فِيهَا فِجَاجاً سُبُلاً لَّعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ
٣١
وَجَعَلْنَا ٱلسَّمَآءَ سَقْفاً مَّحْفُوظاً وَهُمْ عَنْ آيَاتِهَا مُعْرِضُونَ
٣٢
وَهُوَ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلْلَّيْلَ وَٱلنَّهَارَ وَٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ
٣٣
-الأنبياء

إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم

{ وَجَعَلْنَا فِى ٱلأَرْضِ رَوَاسِىَ } أي جبالاً ثوابتَ جمعُ راسية من رسا الشيءُ إذا ثبت ورسَخ، ووصفُ جمعِ المذكر بجمع المؤنثِ في غير العقلاءِ مما لا ريب في صحته كقوله تعالى: { { أَشْهُرٌ مَّعْلُومَـٰتٌ } [البقرة: 197] و { { أَيَّامًا مَّعْدُودٰتٍ } [البقرة: 184] { أَن تَمِيدَ بِهِمْ } أي كراهةَ أن تتحرك وتضطربَ بهم أو لئلا تميدَ بهم بحذف اللام ولا، لعدم الإلباس { وَجَعَلْنَا فِيهَا } أي في الأرض وتكريرُ الفعل لاختلاف المجعولين ولتوفية مقام الامتنان حقَّه أو في الرواسي لأنها المحتاجةُ إلى الطرق { فِجَاجاً } مسالكَ واسعةً وإنما قدم على قوله تعالى: { سُبُلاً } وهى وصفٌ له ليصير حالاً فيفيد أنه تعالى حين خلقها خلقَها كذلك، أو ليبدل منها سبلاً فيدل ضمناً على أنه تعالى خلقها ووسّعها للسابلة مع ما فيه من التوكيد { لَّعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ } أي إلى مصالحهم ومَهمّاتهم.

{ وَجَعَلْنَا ٱلسَّمَاء سَقْفاً مَّحْفُوظاً } من الوقوع بقدرتنا القاهرةِ أو من الفساد والانحلال إلى الوقت المعلوم بمشيئتنا أو من استراق السمعِ بالشُهُب { وَهُمْ عَنْ ءايَـٰتِهَا } الدالةِ على وحدانيته تعالى وعلمِه وحكمتِه وقدرتِه وإرادتِه التي بعضُها محسوسٌ وبعضُها معلومٌ بالبحث عنه في علمَي الطبـيعة والهيئة { مُّعْرِضُونَ } لا يتدبرون فيها فيبقَون على ما هم عليه من الكفر والضلال.

وقوله تعالى: { وَهُوَ ٱلَّذِى خَلَقَ ٱلَّيْلَ وَٱلنَّهَـٰرَ وَٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ } اللذين هما آيتاهما بـيانٌ لبعض تلك الآياتِ التي هم عنها معرضون بطريق الالتفاتِ الموجب لتأكيد الاعتناءِ بفحوى الكلام، أي هو الذي خلقهن وحده { كُلٌّ } أي كلُّ واحد منهما على أن التنوينَ عوضٌ عن المضاف إليه { فِى فَلَكٍ يَسْبَحُونَ } أي يجْرون في سطح الفلك كالسبْح في الماء، والمرادُ بالفَلَك الجنسُ كقولك: كساهم الخليفةُ حُلّةً، والجملة حالٌ من الشمس والقمر وجاز انفرادُهما بها لعدم اللَّبْس، والضميرُ لهما والجمعُ باعتبار المطالعِ، وجُعل الضميرُ واوَ العقلاء لأن السباحة حالُهم.