خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَإِسْمَاعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا ٱلْكِفْلِ كُلٌّ مِّنَ ٱلصَّابِرِينَ
٨٥
وَأَدْخَلْنَاهُمْ فِي رَحْمَتِنَا إِنَّهُمْ مِّنَ ٱلصَّالِحِينَ
٨٦
وَذَا ٱلنُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِباً فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَىٰ فِي ٱلظُّلُمَاتِ أَن لاَّ إِلَـٰهَ إِلاَّ أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ ٱلظَّالِمِينَ
٨٧
-الأنبياء

إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم

{ وَإِسْمَـٰعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا ٱلْكِفْلِ } أي واذكرهم، وذو الكِفل إلياسُ، وقيل: يوشعُ بنُ نون، وقيل: زكريا سُمّي به لأنه كان ذا حظ من الله تعالى أو تكفُّلٍ منه، أو ضعفِ عمل أنبـياءِ زمانه وثوابِه فإن الكفلَ يجيء بمعنى النصيب والكفالة والضِعْف { كُلٌّ } أي كل واحد من هؤلاء { مّنَ ٱلصَّـٰبِرِينَ } أي على مشاقّ التكاليف وشدائدِ النُّوَب، والجملةُ استئنافٌ وقع جواباً عن سؤال نشأ من الأمر بذكرهم.

{ وَأَدْخَلْنَـٰهُمْ فِى رَحْمَتِنَا } أي في النبوة أو في نعمة الآخرة { إِنَّهُمْ مّنَ ٱلصَّـٰلِحِينَ } أي الكاملين في الصلاح الكاملِ الذي لا يحوم حوله شائبةُ الفساد وهم الأنبـياءُ، فإن صلاحَهم معصومٌ من كَدَر الفساد.

{ وَذَا ٱلنُّونِ } أي واذكر صاحب الحوت وهو يونسُ عليه السلام { إِذ ذَّهَبَ مُغَـٰضِباً } أي مراغِماً لقومه لمّا برِمَ من طول دعوته إياهم وشدةِ شكيمتهم وتمادي إصرارِهم مهاجراً عنهم قبل أن يؤمر، وقيل: وعدَهم بالعذاب فلم يأتِهم لميعادهم بتوبتهم ولم بعرف الحال فظن أنه كذّبهم فغضِب من ذلك، وهو من بناء المغالبة للمبالغة أو لأنه أغضبهم بالمهاجَرة لخوفهم لحوقَ العذاب عندها وقرىء مُغضَباً { فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ } أي لن نضيّقَ عليه أو لن نقضيَ عليه بالعقوبة من القدر، ويؤيده أنه قرىء مشدداً أو لن نُعمِل فيه قدرتَنا، وقيل: هو تمثيلٌ لحاله بحال مَنْ يظن أن لن نقدر عليه أي نعامله معاملةَ من يظن أن لن نقدر عليه في مراغمته قومَه من غير انتظار لأمرنا كما في قوله تعالى: { { يَحْسَبُ أَن مَالَهُ أَخْلَدَهُ } [الهمزة: 3] أي نعامله معاملةَ من يحسَب ذلك، وقيل: خطرةٌ شيطانية سبقت إلى وهمه فسُمّيت ظنًّا للمبالغة، وقرىء بالياء مخففاً ومثقلاً مبنياً للمفعول { فَنَادَىٰ } الفاءُ فصيحة أي فكان ما كان من المساهمة والتقامِ الحوت فنادى { فِى ٱلظُّلُمَـٰتِ } أي في الظلمة الشديدةِ المتكاثفة أو في ظلمات بطنِ الحوتِ والبحرِ والليل، وقيل: ابتلع حوتَه حوتٌ أكبرُ منه فحصل في ظلمتي بطني الحوتين وظلمتي البحر والليل { أَن لاَّ إِلَـٰهَ إِلاَّ أَنتَ } أي بأنه لا إلٰهَ إلا أنت على أنّ أنْ مخففةٌ من أنّ وضميرُ الشأن محذوف، أو أي لا إلٰه إلا أنت على أنها مفسّرة { سُبْحَـٰنَكَ } أنزهك تنزيهاً لائقاً بك من أن يُعجزك شيءٌ أو أن يكون ابتلائي بهذا بغير سبب من جهتي { إِنّى كُنتُ مِنَ ٱلظَّـٰلِمِينَ } لأنفسهم بتعريضها للهلكة حيث بادرت إلى المهاجرة.