خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

إِذْ قَالَتِ ٱلْمَلاۤئِكَةُ يٰمَرْيَمُ إِنَّ ٱللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ ٱسْمُهُ ٱلْمَسِيحُ عِيسَى ٱبْنُ مَرْيَمَ وَجِيهاً فِي ٱلدُّنْيَا وَٱلآخِرَةِ وَمِنَ ٱلْمُقَرَّبِينَ
٤٥
-آل عمران

إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم

{ إِذْ قَالَتِ ٱلْمَلَـئِكَةُ } شروعٌ في قصة عيسى عليه الصلاة والسلام وهو بدلٌ من { { وَإِذْ قَالَتِ ٱلْمَلَـئِكَةُ } [آل عمران، الآية 42] منصوبٌ بناصبه وما بـينهما اعتراضٌ جيءَ به تقريراً لما سبق وتنبـيهاً على استقلاله وكونِه حقيقاً بأن يُعدَّ كنظائره من شواهدِ النبوةِ، وتركُ العطف بـينهما بناءً على اتحاد المخاطِب والمخاطَب وإيذاناً بتقارُن الخطابـين أو تقاربُهما في الزمان، وقيل: منصوبٌ بمُضمرٍ معطوفٍ على ناصبه وقيل: بدل من { إِذْ يَخْتَصِمُونَ } كأنه قيل: وما كنت حاضراً في ذلك الزمان المديد الذي وقع في طرفٍ منه الاختصامُ وفي طرفٍ آخرَ هذا الخطابُ إشعاراً بإحاطته عليه الصلاة والسلام بتفاصيلِ أحوالِ مريمَ من أولها إلى آخرها والقائلُ جبريلُ عليه الصلاة والسلام، وإيرادُ صيغة الجمعِ لما مر { يٰمَرْيَمُ إِنَّ ٱللَّهَ يُبَشّرُكِ بِكَلِمَةٍ مّنْهُ } مِنْ لابتداءِ الغاية مَجازاً متعلقةٌ بمحذوف وقعَ صفةً لكلمة أي بكلمة كائنةٍ منه عز وجل { ٱسْمُهُ } ذُكر الضميرُ الراجعُ إلى الكلمة لكونها عبارةً عن مذكّر وهو مبتدأ خبرُه { ٱلْمَسِيحُ } وقوله تعالى: { عِيسَى } بدل منه أي عطفُ بـيانٍ، وقيل: خبرٌ آخرُ وقيل: خبرُ مبتدإ محذوفٍ وقيل: منصوبٌ بإضمار أعني مدحاً، وقوله تعالى: { ٱبْنَ مَرْيَمَ } صفة لعيسى وقيل: المرادُ بالاسم ما به يتميز المسمَّى عمن سواه فالخبرُ حينئذ مجموعُ الثلاثةِ إذ هو المميّز له عليه الصلاة والسلام تميـيزاً عن جميع مَنْ عداه والمسيحُ لَقَبُه عليه الصلاة والسلام وهو من الألقاب المشرّفة كالصّدّيق، وأصلُه بالعبرية مشيحاً ومعناه المبارَك وعيسى معرّبٌ من إيشوع والتصدّي من المسْح والعَيْس وتعليلُه بأنه عليه الصلاة والسلام مُسِحَ بالبركة أو بما يطهِّره من الذنوب أو مسَحَه جبريلُ عليهما الصلاة والسلام أو مسَح الأرضَ ولم يُقِمْ في موضع، أو كان عليه الصلاة والسلام يمسَح ذا العاهةِ فيبرَأُ وبأنه كان في لونه عيس أي بـياض يعلوه حُمرةٌ من قبـيل الرَّقْم على الماء وإنما قيل: ابنُ مريم مع كون الخطابِ لها تنبـيهاً على أنه يُولدُ من غير أبٍ فلا يُنسب إلا إلى أمه وبذلك فُضّلت على نساء العالمين، { وَجِيهًا فِي ٱلدُّنْيَا وَٱلأَخِرَةِ } الوجيهُ ذو الجاه وهو القوةُ والمنَعةُ والشرَفُ وهو حال مقدرة من { كَلِمَةَ } فإنها وإن كانت نكرةً لكنها صالحة لأن ينتصِبَ بها الحال وتذكيرُها باعتبار المعنى والوجاهةُ في الدنيا النبوةُ والتقدمُ على الناس وفي الآخرة الشفاعةُ وعلوُّ الدرجة في الجنة { وَمِنَ ٱلْمُقَرَّبِينَ } أي من الله عز وجل وقيل: هو إشارةٌ إلى رفعه إلى السماء وصُحبةِ الملائكة، وهو عطفٌ على الحال الأولى وقد عُطف عليه.