خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ ٱلإِسْلاَمِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي ٱلآخِرَةِ مِنَ ٱلْخَاسِرِينَ
٨٥
كَيْفَ يَهْدِي ٱللَّهُ قَوْماً كَفَرُواْ بَعْدَ إِيمَانِهِمْ وَشَهِدُوۤاْ أَنَّ ٱلرَّسُولَ حَقٌّ وَجَآءَهُمُ ٱلْبَيِّنَاتُ وَٱللَّهُ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلظَّالِمِينَ
٨٦
-آل عمران

إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم

{ وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ ٱلإسْلَـٰمِ } أي غيرَ التوحيد والانقيادِ لحكم الله تعالى كدأب المشركين صريحاً والمدّعين للتوحيد مع إشراكهم كأهل الكتابـين { دِينًا } ينتحِلُ إليه وهو نصبٌ على مفعولٌ ليبتغ، وغيرَ الإسلام حال منه لما أنه كان صفةً له فلما قُدِّمت عليه انتصبت حالاً، أو هو المفعولُ وديناً تميـيز لما فيه من الإبهام أو بدلٌ من غيرَ الإسلام { فَلَن يُقْبَلَ } ذلك { مِنْهُ } أبداً بل يُردّ أشدَّ ردٍّ وأقبحَه، وقوله تعالى: { وَهُوَ فِى ٱلأَخِرَةِ مِنَ ٱلْخَـٰسِرِينَ } إما حالٌ من الضمير المجرور أو استئنافٌ لا محل له من الإعراب أي من الواقعين في الخُسران والمعنى أن المعرض عن الإسلامَ والطالبُ لغيره فاقدٌ للنفع واقعٌ في الخسران بإبطال الفطرةِ السليمةِ التي فُطر الناسُ عليها وفي ترتيب الرد والخُسران على مجرد الطلبِ دَلالةٌ على أن حالَ من تديّن بغير الإسلام واطمأنّ بذلك أفظعُ وأقبحُ. واستُدل به على أن الإيمانَ هو الإسلامُ إذْ لو كان غيرَه لم يقبل، والجوابُ أنه ينفي قَبولَ كلِّ دينٍ يُغايرُه لا قبولَ كل ما يغايرُه.

{ كَيْفَ يَهْدِى ٱللَّهُ } إلى الحق { قَوْمًا كَفَرُواْ بَعْدَ إِيمَـٰنِهِمْ } قيل: هم عشرَةُ رهطٍ ارتدوا بعد ما آمنوا ولحِقوا بمكةَ، وقيل: هم يهودُ قُريظةَ والنَّضِير ومَنْ دان بدينهم كفروا بالنبـي صلى الله عليه وسلم بعد أن كانوا مؤمنين به قبل مَبْعثِه { وَشَهِدُواْ أَنَّ ٱلرَّسُولَ حَقٌّ وَجَاءهُمُ ٱلْبَيّنَـٰتُ } استبعادٌ لأن يهديَهم الله تعالى، فإن الحائدَ عن الحق بعد ما وضَحَ له منهمِكٌ في الضلال بعيدٌ عن الرشاد، وقيل: نفيٌ وإنكار له وذلك يقتضي أن لا تقبلَ توبةُ المرتد، وقوله تعالى: { وَشَهِدُواْ } عطفٌ على إيمانهم باعتبار انحلالِه إلى جملة فعليةٍ كما في قوله تعالى: { { إِنَّ ٱلْمُصَّدّقِينَ وَٱلْمُصَّدّقَـٰتِ وَأَقْرَضُواْ ٱللَّهَ } [الحديد، الآية 18] الخ فإنه في قوة أن يقال: بعد أن آمنوا، أو حالٌ من ضمير كفروا بإضمار قد، وهو دليلٌ على أن الإقرارَ باللسان خارجٌ عن حقيقة الإيمان { وَٱللَّهُ لاَ يَهْدِى ٱلْقَوْمَ ٱلظَّـٰلِمِينَ } أي الذين ظلموا أنفسَهم بالإخلال بالنظر ووضعِ الكفر موضِعَ الإيمان فكيف مَن جاءه الحقُّ وعرَفه ثم أعرض عنه، والجملةُ اعتراضية أو حالية.