خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَإِذَا مَسَّ ٱلنَّاسَ ضُرٌّ دَعَوْاْ رَبَّهُمْ مُّنِيبِينَ إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَآ أَذَاقَهُمْ مِّنْهُ رَحْمَةً إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ
٣٣
لِيَكْفُرُواْ بِمَآ آتَيْنَاهُمْ فَتَمَتَّعُواْ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ
٣٤
أَمْ أَنزَلْنَا عَلَيْهِمْ سُلْطَاناً فَهُوَ يَتَكَلَّمُ بِمَا كَانُواْ بِهِ يُشْرِكُونَ
٣٥
وَإِذَآ أَذَقْنَا ٱلنَّاسَ رَحْمَةً فَرِحُواْ بِهَا وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ
٣٦
أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّ ٱللَّهَ يَبْسُطُ ٱلرِّزْقَ لِمَن يَشَآءُ وَيَقْدِرُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ
٣٧
-الروم

إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم

{ وَإِذَا مَسَّ ٱلنَّاسَ ضُرٌّ } أي شدَّةٌ { دَعَوْاْ رَبَّهُمْ مُّنِيبِينَ إِلَيْهِ } راجعينَ إليه من دعاءِ غيرِه { ثُمَّ إِذَا أَذَاقَهُمْ مّنْهُ رَحْمَةً } خلاصاً من تلك الشدَّة { إِذَا فَرِيقٌ مّنْهُمْ بِرَبّهِمْ } الذي كانُوا دَعَوه منيبـين إليه { يُشْرِكُونَ } أي فاجأ فريقٌ منهم الإشراكَ وتخصيصُ هذا الفعلِ ببعضِهم لما أنَّ بعضَهم ليسُوا كذلك كما في قولِه تعالى: { { فَلَمَّا نَجَّـٰهُمْ إِلَى ٱلْبَرّ فَمِنْهُمْ مُّقْتَصِدٌ } [سورة لقمان: الآية 32] أي مقيمٌ على الطَّريقِ القصدِ أو متوسطٌ في الكفرِ لانزجارهِ في الجُملة { لِيَكْفُرُواْ بِمَآ ءاتَيْنَـٰهُمْ } اللامُ فيه للعاقبةِ وقيل للأمرِ التَّهديديِّ كقولِه تعالى: { فَتَمَتَّعُواْ } غيرَ أنَّه التفتَ فيه للمبالغةِ وقرىء وليتمتَّعوا { فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ } عاقبةَ تمتُّعِكم. وقُرىء بالياءِ، على أنَّ تمتَّعوا ماضٍ والالتفاتُ إلى الغَيبةِ في قوله تعالى: { أَمْ أَنزَلْنَا عَلَيْهِمْ } للإيذان بالإعراضِ عنهم وتعديدِ جناياتِهم لغيرِهم بطريقِ المُباثّةِ { سُلْطَـٰناً } أي حجَّةً واضحةً وقيل: ذا سلطانٍ أي مَلَكاً معه برهانٌ { فَهُوَ يَتَكَلَّمُ } تكلُّمَ دلالةٍ كما في قولِه تعالى: { { هَـٰذَا كِتَـٰبُنَا يَنطِقُ عَلَيْكُم بِٱلْحَقّ } [سورة الجاثية: الآية 29] أو تكلُّمَ نطقٍ { بِمَا كَانُواْ بِهِ يُشْرِكُونَ } بإشراكهم به تعالى أو بالأمر الذي بسببه يُشركون. { وَإِذَا أَذَقْنَا ٱلنَّاسَ رَحْمَةً } أي نعمة من صَّحةٍ وسَعَةٍ { فَرِحُواْ بِهَا } بَطَراً وأشَراً لا حَمْداً وشُكْراً { وَإِن تُصِبْهُمْ سَيّئَةٌ } شدَّةٌ { بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ } بشؤمِ معاصِيهم { إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ } فاجؤوا القُنوطَ من رحمتهِ تعالى وقُرىء بكسرِ النُّونِ.

{ أَوَلَمْ يَرَوْاْ } أي ألم ينظرُوا ولم يشاهدُوا { أَنَّ ٱللَّهَ يَبْسُطُ ٱلرّزْقَ لِمَن يَشَاء وَيَقْدِرُ } فما لهم لم يشكرُوا ولم يحتسبُوا في السَّرَّاءِ والضَّرَّاءِ كالمؤمنينَ { إِنَّ فِى ذٰلِكَ لآيَـٰتٍ لّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } فيستدلُّون بها على كمالِ القدرةِ والحكمةِ.