{وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ} أي لمن يجادلُ، والجمعُ باعتبار المعنى {ٱتَّبِعُواْ مَا أَنزَلَ ٱللَّهُ قَالُواْ بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ ءابَاءنَا} يُريدون به عبادةَ الأصنامِ {أَوَلَوْ كَانَ ٱلشَّيْطَـٰنُ يَدْعُوهُمْ} أي آباءَهم لا أنفسَهم كما قيل: فإنَّ مدارَ إنكارِ الاتباعِ واستبعادِه كونُ المتبوعينَ تابعينَ للشَّيطانِ لا كونُ أنفسِهم كذلك، أي أيتبعونَهم ولو كان الشَّيطانُ يدعُوهم فيما هم عليه من الشِّرك {إِلَىٰ عَذَابِ ٱلسَّعِيرِ} فهُم متوجهون إليه حسبَ دعوتِه، والجملةُ في حيِّز النَّصبِ على الحاليَّةِ وقد مرَّ تحقيقُه في قولِه تعالى:
{ { أَوْ لَّوْ كَانَ آبَاؤُهم لاَ يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلاَ يَهْتَدُونَ } [سورة البقرة: الآية 170] بما لا مزيدَ عليهِ {وَمَن يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى ٱللَّهِ} بأنْ فوَّض إليه مجامعَ أمورِه وأقبلَ عليه بكلّيته، وحيثُ عُدِّي باللامِ قصد معنى الاختصاصِ. وقُرىء بالتَّشديدِ. {وَهُوَ مُحْسِنٌ} أي في أعمالِه آتٍ بها جامعةً بـين الحُسنِ الذاتِيِّ والوصفيِّ وقد مرَّ في آخرِ سورةِ النَّحلِ {فَقَدِ ٱسْتَمْسَكَ بِٱلْعُرْوَةِ ٱلْوُثْقَىٰ} أي تعلَّق بأوثقِ ما يتعلَّق به من الأسبابِ وهو تمثيلٌ لحالِ المتوكلِ المشتغلِ بالطَّاعةِ بحالِ من أراد أنْ يترقَّى إلى شاهقِ جبلٍ فتمسَّك بأوثقِ عُرى الحبلِ المُتدلِّي منه {وَإِلَىٰ ٱللَّهِ} لا إلى أحدٍ غيرِه {عَـٰقِبَةُ ٱلأُمُورِ} فيجازيه أحسنَ الجزاء. {وَمَن كَفَرَ فَلاَ يَحْزُنكَ كُفْرُهُ} فإنَّه لا يضُّرك في الدُّنيا ولا في الآخرةِ. وقُرىء فلا يُحزِنك من أحزَن المنقولِ من حَزِن بكسرِ الزَّاي وليس بمستفيضٍ {إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ} لا إلى غيرِنا {فَنُنَبّئُهُم بِمَا عَمِلُواْ} في الدُّنيا من الكفرِ والمَعَاصي بالعذابِ والعقابِ. والجمعُ في الضَّمائرِ الثَّلاثةِ باعتبارِ معنى مَن كما أنَّ الإفرادَ في الأولِ باعتبارِ لفظِها {إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ} تعليلٌ للتنبئةِ المعبَّرِ بها عن التَّعذيبِ {نُمَتّعُهُمْ قَلِيلاً} تمتيعاً أو زماناً قليلاً فإنَّ ما يزول وإنْ كانَ بعد أمدٍ طويلٍ بالنسبةِ إلى ما يدومُ قليلٌ {ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلَىٰ عَذَابٍ غَلِيظٍ} يثقُل عليهم ثقلَ الأجرامِ الغلاظِ أو يضمُّ إلى الإحراقِ الضَّغطَ والتضيـيق.