خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤاً وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ
٣٣
وَقَالُواْ ٱلْحَمْدُ للَّهِ ٱلَّذِيۤ أَذْهَبَ عَنَّا ٱلْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ
٣٤
-فاطر

إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم

{ جَنَّـٰتُ عَدْنٍ } إمَّا بدلٌ من الفضلُ الكبـيرُ بتنزيلِ السَّببِ منزلةَ المسَّببِ أو مبتدأٌ خبرُه { يَدْخُلُونَهَا } وعلى الأوَّلِ هو مستأنفٌ وجمعُ الضَّميرِ لأنَّ المرادَ بالسَّابقِ الجنسُ وتخصيصُ حالِ السَّابقينَ ومآلِهم بالذِّكرِ والسُّكوتُ عن الفريقينِ الآخرينِ وإنْ لم يدلَّ على حرمانِهما من دخولِ الجنةِ مُطلقاً لكنَّ فيه تحذيراً لهما من التَّقصيرِ وتحريضاً على السَّعيِ في إدراكِ شأوِ السَّابقينَ. وقُرىء جنَّاتِ عدنٍ وجَّنةَ عدنٍ على النَّصبِ بفعلٍ يفسِّره الظَّاهرُ. وقُرىء يُدخَلُونها على البناءِ للمفعولِ { يُحَلَّوْنَ فِيهَا } خبرٌ ثانٍ، أو حالٌ مقدرةٌ. وقُرىء يحلُون من حَلِيتْ المرأةُ فهي حاليةٌ { مِنْ أَسَاوِرَ } هيَ جمعُ أسورةٍ جمع سوارٍ { مّن ذَهَبٍ } مِن الأُولى تبعيضيَّةٌ، والثَّانيةُ بـيانيَّةٌ أي يُحلَّون بعضَ أساورَ من ذهبٍ كأنَّه أفضلُ من سائرِ أفرادِها { وَلُؤْلُؤاً } بالنَّصبِ عطفاً على محلِّ من أساورَ وقُرىء بالجرِّ عطفاً على ذهبٍ أي من ذهبٍ مرصعٍ باللُّؤلؤِ أو من ذهبٍ في صفاءِ اللُّؤلؤِ { وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ } وتغيـيرُ الأسلوبِ قد مرَّ سرُّه في سورةِ الحجِّ.

{ وَقَالُواْ } أي يقولون وصيغةَ الماضي للدِّلالةِ على التَّحقُّقِ { ٱلْحَمْدُ للَّهِ ٱلَّذِى أَذْهَبَ عَنَّا ٱلْحَزَنَ } وهو ما أهمَّهم من خوفِ سوءِ العاقبةِ وعن ابن عبَّاسٍ رضي الله عنهما: حَزَنُ الأعراضِ والآفاتُ، وعنه حَزَنُ الموتِ وعن الضَّحَّاكِ: حَزَنُ وسوسةِ إبليسَ. وقيل: همُّ المعاشِ، وقيل: حَزَنُ زوالِ النِّعمِ. والظَّاهرُ أنَّه الجنسُ المنتظمُ لجميعِ أحزانِ الدِّينِ والدُّنيا. وقُرىء الحُزْنَ وعن رسولِ الله صلى الله عليه وسلم: "ليسَ على أهلِ لا إله إلا الله وحشةٌ في قبورِهم ولا في محشرِهم، ولا في مسيرِهم وكأنِّي بأهل لا إله إلا الله يخرجُون من قبورِهم ينفضُون التُّرابَ عن وجوهِهم ويقولُون الحمدُ لله الذي أذهبَ عنَّا الحَزَنَ" { إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ } أي للمذنبـينَ { شَكُورٌ } للمطيعينَ.