خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

أَأَتَّخِذُ مِن دُونِهِ آلِهَةً إِن يُرِدْنِ ٱلرَّحْمَـٰنُ بِضُرٍّ لاَّ تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئاً وَلاَ يُنقِذُونَ
٢٣
إِنِّيۤ إِذاً لَّفِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ
٢٤
إِنِّيۤ آمَنتُ بِرَبِّكُمْ فَٱسْمَعُونِ
٢٥
قِيلَ ٱدْخُلِ ٱلْجَنَّةَ قَالَ يٰلَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ
٢٦
بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ ٱلْمُكْرَمِينَ
٢٧
-يس

إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم

{ أَءتَّخِذُ مِن دُونِهِ ءالِهَةً } إنكارٌ ونفيٌ لاتِّخاذِ الآلهة على الإطلاقِ. وقوله: { إِن يُرِدْنِ ٱلرَّحْمَـٰنُ بِضُرّ لاَّ تُغْنِ عَنّى شَفَـٰعَتُهُمْ شَيْئاً } أي لا تنفعني شيئاً من النَّفعِ. { وَلاَ يُنقِذُونَ } من ذلك الضُّرِّ بالنُّصرةِ والمظاهرةِ، استئنافٌ سبقَ لتعليلٍ النَّفي المذكور. وجعلُه صفةً لآلهةً كما ذهب إليه بعضُهم رُبَّما يُوهم أنَّ هناك آلهةً ليستْ كذلكَ. وقُرىء إنْ يَردن بفتح الياءِ على معنى إنْ يُوردني ضراً أي يجعلنِي مورداً للضُّرِّ { إِنّى إِذاً } أي إذا اتخذتُ من دونه آلهةً { لَفِى ضَلَـٰلٍ مُّبِينٍ } فإنَّ إشراكَ ما ليس من شأنِه النَّفعُ ولا دفعُ الضُّرِّ بالخالق المقتدرِ الذي لا قادرَ غيرُه ولا خيرَ إلا خيرُه ضلال بـيِّن لا يَخْفى على أحدٍ ممَّن له تميـيزٌ في الجملةِ { إِنّى ءامَنتُ بِرَبّكُمْ } خطاب منه للرُّسلِ بطريق التَّلوينِ قيل: لمَّا نصحَ قومَه بما ذُكر همُّوا برجمِه فأسرع نحوَ الرُّسلِ قبل أن يقتلُوه فقال ذلك، وإنَّما أكَّده لإظهارِ صدوره عنه بكمال الرَّغبةِ والنَّشاطِ وأصناف الربَّ إلى ضميرِهم رَوْماً لزيادة التَّقريرِ وإظهاراً للاختصاصِ والافتداءِ بهم كأنَّه قالَ بربِّكم الذي أرسلَكم أو الذي تدعُوننا إلى الإيمانِ به { فَٱسْمَعُونِ } أي اسمعُوا إيمانيَ واشهدُوا لي به عند الله تعالى، وقيل: الخطابُ للكفرةِ شافههَم بذلك إظهاراً للتَّصلُّبِ في الدِّينِ وعدم المبالاة بالقتلِ، وإضافةُ الرَّبِّ إلى ضميرهم لتحقيقِ الحقِّ والتَّنبـيهِ على بُطلان ما هم عليه من اتِّخاذِ الأصنامِ أرباباً وقيل للنَّاس جميعاً: { قِيلَ ٱدْخُلِ ٱلْجَنَّةَ } قيل له ذلك لمَّا قتلُوه إكراماً له بدخولِها حينئذٍ كسائر الشُّهداءِ وقيل: لما همُّوا بقتله رفعَه الله تعالى إلى الجنَّةِ قاله الحسنُ. وعن قَتادةَ أدخلَه الله الجنَّةَ وهو فيها حيٌّ يُرزقُ. وقيل معناه البُشرى بدخولِ الجنَّةِ وأنَّه من أهلِها وإنَّما لم يُقل له لأنَّ الغرضَ بـيانُ المقولِ لا القولِ له لظهوره وللمبالغةِ في المسارعةِ إلى بـيانِه. والجملةُ استئنافٌ وقع جواباً عن سؤالٍ نشأ من حكايةِ حالِه ومقالهِ كأنَّه قيل: كان لقاءُ ربِّه بعد ذلك التصلُّب في دينه والتَّسخِّي بروجِه لوجهه تعالى فقيل قيل: ادخل الجنَّة. وكذلك قوله تعالى: { قَالَ يٰلَيْتَ قَوْمِى يَعْلَمُونَ بِمَا غَفَرَ لِى رَبّى وَجَعَلَنِى مِنَ ٱلْمُكْرَمِينَ } فإنَّه جوابِ عن سؤالِ نشأ من حكايةِ حالهِ كأنَّه قيل: فماذا قال عند نيلِه تلك الكرامةَ السَّنيةَ فقيل قال: الخ وإنما تمنَّى علَم قومه بحاله ليحملَهم ذلك عن اكتسابِ مثله بالتَّوبةِ عن الكُفرِ والدخول في الإيمانِ والطَّاعةِ جرياً على سَننِ الأولياء في كظمِ الغيطِ. والتَّرحمِ على الأعداءِ أو ليعلموا أنهم كانُوا على خطأٍ عظيمٍ في أمره وأنَّه كان على الحقِّ وأنَّ عداوتَهم لم تكسبه إلاَّ سعادةً. وقُرىء من المكرمين. وما موصولةً أو مصدريةٌ والياءُ صلةُ يعلمون أو استفهاميةٌ وردتْ على الأصل والياءُ متعلِّقةٌ بغفرَ أي بأي شيءٍ غفرَ لي ربِّـي يريدُ به تفخيمَ شأنِ المهاجرةِ عن ملَّتِهم والمصابرةِ. على أذيَّتِهم.