خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَإِن كُلٌّ لَّمَّا جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ
٣٢
وَآيَةٌ لَّهُمُ ٱلأَرْضُ ٱلْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبّاً فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ
٣٣
وَجَعَلْنَا فِيهَا جَنَّاتٍ مِّن نَّخِيلٍ وَأَعْنَابٍ وَفَجَّرْنَا فِيهَا مِنَ ٱلْعُيُونِ
٣٤
لِيَأْكُلُواْ مِن ثَمَرِهِ وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ أَفَلاَ يَشْكُرُونَ
٣٥
-يس

إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم

{ وَإِن كُلٌّ لَّمَّا جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ } بـيانٌ لرجوع الكلِّ إلى المحشرِ بعد بـيان عدم الرُّجوعِ إلى الدُّنيا وأنْ نافية وتنوينُ كلٌّ عِوضٌ عن المضافِ إليهِ ولمَّا بمعنى إلاَّ، وجميعُ فعيلٌ بمعنى مفعولٍ، ولدينا ظرفٌ له أو لما بعده. والمعنى ما كلُّهم إلاَّ مجموعون لدينا مُحضرون للحسابِ والجزاءِ وقيل: محضرُون معذَّبون فكل ذلك عبارةٌ عن الكَفَرة. وقُرىء لما بالتَّخفيفِ على أنَّ إنْ مخَّففةٌ من الثقيلة واللاَّمُ فارقةٌ وما مزيدةٌ للتأكيد والمعنى أنَّ كلهم مجموعون الخ.

{ وَءايَةٌ لَّهُمُ ٱلأَرْضُ ٱلْمَيْتَةُ } بالتَّخفيفِ وقُرىء بالتَّشديدِ. وقوله تعالى آيةٌ خبرٌ مقدَّمٌ للاهتمامِ به وتنكيرُها للتفخيم ولهم إمَّا متعلِّقةٌ بها لأنَّها بمعنى العلامةِ أو بمضمرٍ هو صفة لها والأرضُ مبتدأٌ والميتةُ صفتُها. وقوله تعالى { أَحْيَيْنَـٰهَا } استئنافٌ مبـيّن لكيفَّيةِ كونها آيةً وقيل آيةٌ مبتدأٌ ولهم خبرٌ والأرضُ الميتةُ مبتدأ موصوف وأحيـيناها خبره، والجملة مفسِّرة لآية. وقيل: الإرض مبتدأ وأحيـيناها خبرُه والجملةُ خبرٌ لآيةٌ وقيل: الخبرُ لها هو الأرضُ وأحييناها صفتُها لأنَّ المرادَ بها الجنسُ لا المعيِّنة والأوَّلُ هو الأَولى لأنَّ مصبَّ الفائدةِ هو كونُ الأرضِ آيةً لهم لا كونُ الآيةِ هي الأرضُ. { وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبّاً } جنس الحبِّ { فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ } تقديم الصِّلةِ للدِّلالةِ على أنَّ الحبَّ معظم ما يُؤكل ويُعاش به.

{ وَجَعَلْنَا فِيهَا جَنَّـٰتٍ مّن نَّخِيلٍ وَأَعْنَـٰبٍ } أي من أنواعِ النَّخلِ والعنبِ ولذلك جُمعا دون الحبِّ فإنَّ الدّالّ على الجنسِ مشعرٌ بالاختلافِ ولا كذلك الدَّالُّ على الأنواعِ. وذكرُ النَّخيلِ دُون التُّمور ليطابقَ الحبَّ والأعنابَ لاختصاص شجرها بمزيدِ النَّفعِ وآثار الصُّنعِ { وَفَجَّرْنَا فِيهَا } وقُرىء بالتَّخفيفِ والفجرُ والتَّفجيرُ كالفتح والتفتيح لفظاً ومعنى { مِنَ ٱلْعُيُونِ } أي بعضاً من العُيون فحذف الموصوفُ وأقيمتِ الصِّفةُ مقامَه أو العيون ومن مزيدةٌ على رأي الأخَفْشِ.

{ لِيَأْكُلُواْ مِن ثَمَرِهِ } متعلِّقٌ بجعلنا وتأخيرُه عن تفجير العُيُون لأنَّه من مبادىءِ الأثمارِ أي وجعلنا فيها جنَّاتٍ من نخيلٍ ورتبنا مبادىء أثمارِها ليأكُلوا من ثمرِ ما ذُكر من الجنَّاتِ والنَّخيلِ بإجراء الضَّميرِ مجرى اسمِ الإشارةِ وقيل: الضَّميرُ لله تعالى بطريقِ الالتفاتِ إلى الغَيبةِ. والإضافةُ لأنَّ الثَّمرَ يخلقُه تعالى. وقُرىء بضمَّتينِ وهي لغةٌ فيه أو جمع ثمارٍ وبضمَّةٍ وسكونٍ { وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ } عطفٌ على ثمرِه وهو ما يُتَّخذُ منه من العصير والدِّبس ونحوهما، وقيل: ما نافيةٌ والمعنى أن التمر بخلق الله تعالى لا بفعلهم ومحلُّ الجملة النَّصبُ على الحاليةِ ويؤكد الأوَّلَ قراءةُ عملتُ بلا هاءٍ فإنَّ حذفَ العائدِ من الصِّلةِ أحسنُ من الحذفِ من غيرِها { أَفَلاَ يَشْكُرُونَ } إنكارٌ واستقباحٌ لعدم شكرِهم للنِّعم المعدودةِ والفاء للعطفِ على مقدَّرٍ يقتضيهِ المقامُ أي أيرون هذه النِّعمَ أو أيتنعمون بها فلا يشكرونَها.