خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَنَادَيْنَاهُ أَن يٰإِبْرَاهِيمُ
١٠٤
قَدْ صَدَّقْتَ ٱلرُّؤْيَآ إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي ٱلْمُحْسِنِينَ
١٠٥
إِنَّ هَـٰذَا لَهُوَ ٱلْبَلاَءُ ٱلْمُبِينُ
١٠٦
وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ
١٠٧
وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي ٱلآخِرِينَ
١٠٨
سَلاَمٌ عَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ
١٠٩
-الصافات

إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم

{ وَنَـٰدَيْنَـٰهُ أَن يٰإِبْرٰهِيم قَدْ صَدَّقْتَ ٱلرُّؤْيَا } بالعزم على الإتيانِ بالمأمور به وترتيبِ مقدماتهِ. وقد رُوي أنَّه أمرَّ السِّكِّينَ بقوَّتهِ على حلقهِ مراراً فلم يقطعْ ثم وضع السِّكِّينَ على قفاه فانقلبَ السِّكِّينُ فعند ذلك وقع النِّداءُ. وجوابُ لمَّا محذوفٌ إيذاناً بعدم وفاء التَّعبـيرِ بتفاصيله كأنَّه قيل كانَ ما كانَ مما لا يحيطُ به نطاق البـيانِ من استبشارهما وشكرِهما لله تعالى على ما أنعمَ به عليهما من دفعِ البلاء بعد حلولهِ والتَّوفيقِ لما لم يُوفَّقْ أحدٌ لمثله، وإظهارِ فضلهما بذلك على العالمين مع إحراز الثَّوابِ العظيمِ إلى غيرِ ذلك { إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِى ٱلْمُحْسِنِينَ } تعليلٌ لتفريجِ تلك الكُربةِ عنهما بإحسانهما واحتجَّ به من جوَّز النَّسخَ قبل وقوع المأمور به فإنَّه عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ كان مأموراً بالذَّبحِ لقوله تعالى: { { ٱفْعَلْ مَا تُؤمَرُ } [سورة الصافات: الآية 102] ولم يحصلْ { إِنَّ هَـٰذَا لَهُوَ ٱلْبَلاَء ٱلْمُبِينُ } الذي يتميَّز فيه المخلِصُ عن غيره أو المحنةُ البـيِّنةُ الصُّعوبةِ إذ لا شيءَ أصعبُ منها. { وَفَدَيْنَـٰهُ بِذِبْحٍ } بِما يُذبح بدله فيتمُّ به الفعل { عظِيمٌ } أي عظيمِ الجثَّة سمينٍ أو عظيم القدر لأنَّه يَفدي به اللَّهُ نبـيًّا ابنِ نبـيَ من نسله سيِّدُ المُرسلينَ. قيل كان ذلك كبشاً من الجنَّةِ. عن ابن عبَّاسٍ رضي الله عنهما: أنَّه الكبشُ الذي قرَّبه هابـيلُ فتُقبِّل منه وكان يَرْعى في الجنَّةِ حتَّى فُدي به إسماعيلُ عليه السَّلامُ. وقيل فُدي بوعلٍ أُهبط عليه من ثَبـير. ورُوي أنه هربَ من إبراهيمَ عليه السَّلامُ عند الجمرةِ فرماه بسبع حصياتٍ حتَّى أخذه فبقي سنَّةً في الرَّميِ. ورُوي أنَّه رَمَى الشَّيطان حين تعرَّض له بالوسوسةِ عند ذبحِ ولده. ورُوي أنَّه لمَّا ذبحه قال جبريلُ عليه السَّلامُ: اللَّهُ أكبرُ اللَّهُ أكبرُ فقال الذَّبـيحُ: لا إلٰهَ إلاَّ اللَّهُ واللَّهُ أكبرُ فقالَ إبراهيمُ: اللَّهُ أكبرُ ولِلَّهِ الحمدُ فبقي سُنَّةً. والفادي في الحقيقة هو إبراهيمُ وإنَّما قيل وفدينَاهُ لأنَّه تعالى هو المُعطي له والآمرُ به على التَّجوزِ في الفداءِ أو الإسنادِ { وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِى ٱلآخِرِينَ سَلَـٰمٌ عَلَىٰ إِبْرٰهِيمَ } قد سلف بـيانُه في خاتمةِ قصَّة نوحٍ عليه السَّلامُ.