خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَإِنَّكُمْ لَّتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُّصْبِحِينَ
١٣٧
وَبِٱلَّيلِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ
١٣٨
وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ ٱلْمُرْسَلِينَ
١٣٩
إِذْ أَبَقَ إِلَى ٱلْفُلْكِ ٱلْمَشْحُونِ
١٤٠
فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ ٱلْمُدْحَضِينَ
١٤١
فَٱلْتَقَمَهُ ٱلْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ
١٤٢
فَلَوْلاَ أَنَّهُ كَانَ مِنَ ٱلْمُسَبِّحِينَ
١٤٣
لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ
١٤٤
فَنَبَذْنَاهُ بِٱلْعَرَآءِ وَهُوَ سَقِيمٌ
١٤٥
-الصافات

إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم

{ وَإِنَّكُمْ } يا أهلَ مكَّة { لَّتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ } على منازلهم في متاجرِكم إلى الشَّأمِ وتشاهدون آثارَ هلاكهم فإنَّ سدومَ في طريق الشَّأمِ { مُّصْبِحِينَ } داخلين في الصَّباحِ { وَبِٱلَّيْلِ } أي ومساء أهم نهاراً وليلاً، ولعلَّها وقعت بقرب منزلٍ يمرُّ بها المرتحلُ عنه صباحاً والقاصدُ له مساءً { أَفَلاَ تَعْقِلُونَ } أتشاهدون ذلك فلا تعقلون حتَّى تعتبرُوا به وتخافوا أنْ يُصيبكم مثلُ ما أصابهم.

{ وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ ٱلْمُرْسَلِينَ } وقرىء بكسر النُّونِ { إِذْ أَبَقَ } أي هربَ وأصله الهربُ من السَّيدِ لكن لمَّا كان هربُه من قومه بغير إذن ربِّه حسُن إطلاقُه عليه { إِلَى ٱلْفُلْكِ ٱلْمَشْحُونِ } أي المملوءِ { فَسَـٰهَمَ } فقارعَ أهلَه { فَكَانَ مِنَ ٱلْمُدْحَضِينَ } فصار من المغلوبـينَ بالقُرعةِ وأصله المزلق عن مقام الظفر. رُوي أنَّه عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ لمَّا وعدَ قومَه بالعذابِ خرجَ من بـينهم قبل أنْ يأمرَه الله تعالى به فركبَ السَّفينةَ فوقفتْ فقال فيها عبدٌ آبقٌ فاقترعُوا فخرجت القُرعةُ عليه فقال: أنا الآبقُ ورَمَى بنفسه في الماءِ { فَٱلْتَقَمَهُ ٱلْحُوتُ } فابتلعه من اللُّقمةِ { وَهُوَ مُلِيمٌ } داخلٌ في المَلامةِ أو آتٍ بما يُلام عليه أو مليمٌ نفسَه. وقُرىء مَليم بالفتح مبنيًّا من لِيم كمَشيب في مشُوب { فَلَوْلاَ أَنَّهُ كَانَ مِنَ ٱلْمُسَبّحِينَ } الذَّاكرينَ الله كثيراً بالتَّسبـيحِ مدَّة عمره أو في بطنِ الحوت وهو قوله: { { لاَّ إِلَـٰهَ إِلاَّ أَنتَ سُبْحَـٰنَكَ إِنّى كُنتُ مِنَ ٱلظَّـٰلِمِينَ } [سورة الأنبياء: الآية 87] وقيل من المصلِّين فإنَّه عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ كان كثيرَ الصَّلاةِ في الرَّخاءِ { لَلَبِثَ فِى بَطْنِهِ إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ } حيًّا وقيل ميِّتاً وفيه حثٌّ على إكثارِ الذِّكرِ وتعظيمٌ لشأنهِ ومن أقبل عليه في السَّراءِ أُخذ بـيدِه عند الضَّرَّاء { فَنَبَذْنَـٰهُ بِٱلْعَرَاء } بأن حملنا الحوتَ على لفظه بالمكان الخالي عمَّا يُغطِّيه من شجرٍ أو نبتٍ. رُوي أنَّ الحوتَ سار مع السَّفينةِ رافعاً رأسه يتنفسُّ فيه يونسُ عليه السلام ويسبِّحُ ولم يفارقْهم حتَّى انتهَوا إلى البرِّ فلفظَه سالماً لم يتغيَّرْ منه شيءٌ فأسلمُوا. ورُوي أنَّ الحوتَ قذفَه بساحل قريةٍ من المَوصلِ. واختُلف في مقدارِ لبثه فقيل أربعون يوماً وقيل عشرون وقيل سبعةٌ وقيل ثلاثةٌ وقيل لم يلبثْ إلا قليلاً ثم أُخرج من بطنهِ بعيد الوقتِ الذي التُقمَ فيه. رَوى عطاءٌ أنَّه حين ابتلعه أوحى اللَّهُ تعالى إلى الحوتِ إنِّي جعلتُ بطنك له سجناً ولم أجعله لك طعاماً. { وَهُوَ سَقِيمٌ } ممَّا ناله قيل صار بدنُه كبدنِ الطِّفلِ حين يُولد.