خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

قَالَ قَآئِلٌ مِّنْهُمْ إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ
٥١
يَقُولُ أَءِنَّكَ لَمِنَ ٱلْمُصَدِّقِينَ
٥٢
أَءِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً وَعِظَاماً أَءِنَّا لَمَدِينُونَ
٥٣
قَالَ هَلْ أَنتُمْ مُّطَّلِعُونَ
٥٤
فَٱطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَوَآءِ ٱلْجَحِيمِ
٥٥
قَالَ تَٱللَّهِ إِن كِدتَّ لَتُرْدِينِ
٥٦
-الصافات

إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم

{ قَالَ قَائِلٌ مّنْهُمْ } في تضاعيف محاوراتهم { إِنّى كَانَ لِى } في الدُّنيا { قَرِينٌ } مصاحب { يِقُولُ } لي على طريقة التَّوبـيخِ بما كنت عليه من الإيمان والتَّصديقِ بالبعث { أَئنَّكَ لَمِنَ ٱلْمُصَدّقِينَ } أي بالبعث. وقُرىء بتشديدِ الصَّادِ من التَّصدُّقِ، والأوَّلُ هو الأوفقُ لقولهِ تعالى: { أَءذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً وَعِظَـٰماً أَءنَّا لَمَدِينُونَ } أي لمبعوثون ومجزيُّون من الدِّينِ بمعنى الجزاء أو لمسوسُون يقال دانَه أي ساسَه، ومنه الحديثُ: "العاقلُ من دانَ نفسَه" وقيل كان رجلٌ تصدَّقَ بماله لوجه الله تعالى فاحتاج فاستجدَى بعضَ إخوانهِ فقال: أين مالكُ، قال: تصدَّقتُ به ليعوضني الله تعالى في الآخرةِ خيراً منه فقال: أئنَّك لمن المُصدِّقين بـيوم الدِّينِ، أو المتصدِّقين لطلب الثَّوابِ والله لا أُعطيك شيئاً فيكون التَّعرُّضُ لذكر موتهم وكونِهم تُراباً وعظاماً حينئذٍ لتأكيدِ إنكار الجزاءِ المبني على إنكارِ البعث { قَالَ } أي ذلك القائلُ بعدما حكى لجلسائه مقالَ قرينهِ في الدُّنيا { هَلْ أَنتُمْ مُّطَّلِعُونَ } أي إلى أهل النَّارِ لأريكم ذلك القرينَ يريد بذلك بـيانَ صدقهِ فيما حكاه وقيل القائلُ هو اللَّهُ تعالى أو بعضُ الملائكة يقول لهم هل تُحبُّون أنْ تطَّلعوا على أهل النَّارِ لأريكم ذلك القرينَ فتعلموا أين منزلتُكم من منزلتهم قيل إنَّ في الجنَّة كُوى ينظر منها أهلُها إلى أهل النَّارِ { فَأَطَّلِعَ } أي عليهم { فَرَءاهُ } أي قرينَه { فِى سَوَاء ٱلْجَحِيمِ } أي في وسطها. وقُرىء فأطَّلِعَ على لفظ المضارع المنصوبِ. وقرىء مُطَّلعون فأطَّلع وفأطْلُعَ بالتَّخفيف على لفظ الماضي والمضارعِ المنصوبِ يقال طلعَ علينا فلانٌ وأطَّلع وبمعنى واحد والمعنى هل أنتُم مطَّلعون إلى القرين فأطَّلع أنا أيضاً أو عوضَ عليهم الاطِّلاعَ فقبلوا ما عرضَه فاطَّلع هو بعد ذلك وإن جُعل الاطِّلاعُ متعدِّياً فالمعنى أنَّه لما شرط في إطِّلاعه إطِّلاعهم كما هو ديدن الجُلساءِ فكأنَّهم مُطْلِعُوه، وقيل الخطاب على هذا للملائكةِ. وقُرىء مُطَّلعونِ بكسر النُّونِ أراده مطلعونَ إيَّاي فوضع المتَّصلَ موضع المنفصلِ، كقوله:

هم الفاعلونَ الخيرَ والآمرونه

أو شُبِّه اسمُ الفاعل بالمضارع لما بـينهما من التَّآخِي.

{ قَالَ } أي القائلُ مخاطباً لقرينهِ { تَٱللَّهِ إِن كِدتَّ لَتُرْدِينِ } أي لتُهلكني بالإغواءِ. وقُرىء لتُغوينِ والتَّاءُ فيه معنى التَّعجُّبِ وإنْ هي المخففةُ من أنَّ وضميرُ الشَّأنِ الذي هو اسمُها محذوفٌ واللاَّمُ فارقةٌ أي تاللَّهِ إنَّ الشَّأنَ كدت لتردينِ.