خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

قَالُواْ بَلْ أَنتُمْ لاَ مَرْحَباً بِكُمْ أَنتُمْ قَدَّمْتُمُوهُ لَنَا فَبِئْسَ ٱلْقَرَارُ
٦٠
قَالُواْ رَبَّنَا مَن قَدَّمَ لَنَا هَـٰذَا فَزِدْهُ عَذَاباً ضِعْفاً فِي ٱلنَّارِ
٦١
وَقَالُواْ مَا لَنَا لاَ نَرَىٰ رِجَالاً كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِّنَ ٱلأَشْرَارِ
٦٢
أَتَّخَذْنَاهُمْ سِخْرِيّاً أَمْ زَاغَتْ عَنْهُمُ ٱلأَبْصَار
٦٣

إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم

{ قَالُواْ } أي الأتباعُ عند سماعِهم ما قيل في حقِّهم، ووجه خطابهم للرُّؤساءِ في قولهم { بَلْ أَنتُمْ لاَ مَرْحَباً بِكُمْ } الخ على الوجهينِ الأخيرينِ ظاهرٌ، وأمَّا على الوجهِ الأوَّلِ فلعلَّهم إنَّما خاطبُوهم مع أنَّ الظَّاهرَ أنْ يقولُوا بطريقِ الاعتذارِ إلى الخَزَنةِ بل هُم لا مرحباً بهم الخ قَصْداً منهم إلى إظهارِ صدقِهم بالمُخاطبةِ مع الرُّؤساءِ والتَّحاكمِ إلى الخَزَنةِ طمعاً في قضائِهم بتخفيفِ عذابِهم أو تضعيفِ عذابِ خُصَمائهم أي بل أنتم أحقُّ بما قيلَ لنا أو قلتُم. وقولُه تعالى { أَنتُمْ قَدَّمْتُمُوهُ لَنَا } تعليلٌ لأحقِّيتهم بذلك أي أنتمُ قدَّمتم العذابَ أو الصِّلِيَّ لنا وأوقعتُمونا فيه بتقديمِ ما يُؤدِّي إليه من العقائدِ الزَّائغةِ والأعمالِ السَّيئةِ وتزيـينها في أَعُيننا وإغرائِنا عليها لا أنَّها باشرنَاها من تلقاءِ أنفسنا { فَبِئْسَ ٱلْقَرَارُ } أي فبئسَ المقرُّ جهنَّم قصدُوا بذمِّها تغليظَ جنايةِ الرُّؤساءِ عليهم { قَالُواْ } أي الأتباعُ أيضاً وتوسيطُه بـين كلاميهم لما بـينهُما من التَّباينِ البـيِّنِ ذاتاً وخِطِاباً أي قالُوا مُعرضين عن خصومتِهم متضرِّعين إلى الله تعالى { رَبَّنَا مَن قَدَّمَ لَنَا هَـٰذَا فَزِدْهُ عَذَاباً ضِعْفاً فِى ٱلنَّارِ } كقولِهم { { رَبَّنَا هَـؤُلاء أَضَلُّونَا فَـئَاتِهِمْ عَذَابًا ضِعْفًا مّنَ ٱلنَّارِ } [سورة الأعراف: الآية 38] أي عذاباً مُضاعفاً أي ذا ضعفٍ وذلك بأنْ يزيدَ عليه مثلَه ويكون ضعفينِ كقولِه { { رَبَّنَا ءاتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ ٱلْعَذَابِ } [سورة الأحزاب: الآية 68] وقيل: المرادُ بالضِّعفِ الحيَّاتُ والأَفَاعي.

{ وَقَالُواْ } أي الطَّاغُون { مَا لَنَا لاَ نَرَىٰ رِجَالاً كُنَّا نَعُدُّهُمْ مّنَ ٱلأَشْرَارِ } يعنون فقراءَ المُسلمينَ الذين كانُوا يسترذلونَهم ويسخرُون منهم { أَتَّخَذْنَـٰهُمْ سِخْرِيّاً } بهمزةِ استفهامٍ سقطتْ لأجلها همزةُ الوصل.والجملةُ استئنافٌ لا محلَّ لها من الإعرابِ قالُوه إنكاراً على أنفسِهم وتأنيباً لها في الاستسخارِ منهم { أَمْ زَاغَتْ عَنْهُمُ ٱلأَبْصَـٰرُ } متَّصلٌ باتَّخذناهم على أنَّ أم متَّصلة والمعنى أيَّ الأمرينِ فعلنَا بهم الاستسخارُ منهم أم الازدراءُ بهم وتحقيرُهم، وإنَّ أبصارَنا كانت تزيغُ عنهم وتقتحمُهم على معنى إنكارِ كلِّ واحدٍ من الفعلينِ على أنفسهم توبـيخاً لها أو على أنَّها منقطعةٌ والمعنى أتخذناهم سخرياً بل أزاغتْ عنهم أبصارُنا كقولك أزيدٌ عندك أم عندَك عمروٌ على معنى توبـيخِ أنفسِهم على الاستسخارِ ثمَّ الإضرابُ والانتقالُ منه إلى التَّوبـيخِ على الازدراءِ والتَّحقيرِ. وقُرىء اتَّخذناهم بغير همزةٍ على أنَّه صفةٌ أخرى لرجالاً فقوله تعالى أمْ زاغتْ متَّصلٌ بقوله ما لنا لا نَرى والمعنى ما لنا لا نراهُم في النار أليسوا فيها فكذلك لا نراهم أم زاغتْ عنهم أبصارُنا وهم فيها وقد جُوِّز أنْ تكونَ الهمزةُ مقدَّرةٌ على هذه القراءةِ وقُرىء سُخريا بضمِّ السَّينِ.