خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَٱنطَلَقَ ٱلْمَلأُ مِنْهُمْ أَنِ ٱمْشُواْ وَاْصْبِرُواْ عَلَىٰ آلِهَتِكُمْ إِنَّ هَـٰذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ
٦
مَا سَمِعْنَا بِهَـٰذَا فِى ٱلْمِلَّةِ ٱلآخِرَةِ إِنْ هَـٰذَا إِلاَّ ٱخْتِلاَقٌ
٧

إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم

{ وَٱنطَلَقَ ٱلْمَلأ مِنْهُمْ } أي وانطلقَ الأشرافُ من قريشٍ عن مجلسِ أبـي طالبٍ بعد ما بكَّتهم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بالجوابِ العتيدِ وشاهدُوا تصلُّبَه عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ في الدِّينِ وعزيمتَه على أنْ يُظهره على الدِّينِ كلِّه ويئسُوا ممَّا كانُوا يرجونَه بتوسطِ أبـي طالبٍ من المصالحةِ على الوجِه المذكورِ { أَنِ ٱمْشُواْ } أي قائلين بعضِهم لبعضٍ على وجهِ النَّصيحةِ امشُوا { وَاْصْبِرُواْ عَلَىٰ ءالِهَتِكُمْ } أي واثبتُوا على عبادتِها متحمِّلين لما تسمعُونه في حقِّها من القدحِ، وأنْ هي المفسِّرةُ، لأنَّ الانطلاقَ عن مجلسِ التقاولِ لا يخلُو عن القولِ. وقيل: المرادُ بالانطلاقِ الاندفاعُ في القولِ وامشُوا من مشتِ المرأةُ إذا كثرتْ ولادتُها ومنه الماشيةُ للتفاؤلِ أي اجتمعُوا واكثرُوا. وقُرىء امشُوا بغير أنْ على إضمارِ القولِ وقُرىء يمشُون أنِ اصبرُوا { إِنَّ هَـٰذَا لَشَيْء يُرَادُ } تعليلٌ للأمرِ بالصَّبرِ أو لوجوبِ الامتثالِ به أي هذا الذي شاهدناهُ من محمَّدٍ صلى الله عليه وسلم من أمرِ التَّوحيدِ ونفي آلهتِنا وأبطالِ أمرِها لشيءٌ يُراد أي من جهتِه عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ إمضاؤُه وتنفيذُه لا محالةَ من غيرِ صارفٍ يلويهِ ولا عاطفٍ يثنيهِ، لا قولٌ يقال من طرفِ اللِّسان أو أمر يُرجى فيه المسامحةُ بشفاعةٍ أو امتنانٍ فاقطعُوا أطماعَكم عن استنزالِه من رأيهِ بوساطة أبـي طالبٍ وشفاعته وحسبكم أي لا تمنعوا من عبادةِ آلهتِكم بالكلِّية فاصبروا علها وتحمَّلوا ما تسمعونَه في حقِّها من القدحِ وسُوءِ القالةِ. وقيل: إنَّ هذا الأمر لشيءٌ يريده الله تعالى ويحكم بإمضائِه وما أرادَ الله كونَه فلا مردَّ له ولا ينفعِ فيه إلاَّ الصَّبرُ، وقيل: إن هذا الأمرَ لشيءٌ من نوائب الدَّهرِ يُراد بنا فلا انفكاكَ لنا منه وقيل: إنَّ دينَكم لشيءٌ يُراد أي يُطلب ليؤخذَ منكم وتُغلبوا عليه. وقيل: إنَّ هذا الذي يدَّعيهِ من التَّوحيدِ أو يقصدُه من الرِّياسةِ والتَّرفعِ على العرب والعجم لشيءٌ يُتمنَّى ويرُيده كلُّ أحدٍ فتأمَّل في هذه الأقاويلِ واخترْ منها ما يساعدُه النَّطمُ الجليلُ { مَّا سَمِعْنَا بِهَـٰذَا } الذي يقولُه { فِى ٱلْمِلَّةِ ٱلآخِرَةِ } أي الملَّةِ النَّصرانيةِ التي هي آخرُ الملل فإنَّهم مُثلِّثةٌ أو في الملَّةِ التي أدركنا عليها آباءَنا. ويجوزُ أن يكون الجارُّ والمجرور حالاً من هذا أي ما سمعنا بهذا من أهلِ الكتابِ ولا الكُهَّانِ كائناً في الملَّة المترقبة ولقد كذبُوا في ذلك أقبح كذبٍ فإنَّ حديثَ البعثةِ والتَّوحيدِ كان أشهرَ الأمورِ قبل الظُّهور { إِنَّ هَذَا } أي ما هذا { إِلاَّ ٱخْتِلاَقٌ } أي كذبٌ اختلَقه.