خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَلَوْلاَ فَضْلُ ٱللَّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّتْ طَّآئِفَةٌ مِّنْهُمْ أَن يُضِلُّوكَ وَمَا يُضِلُّونَ إِلاَّ أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَضُرُّونَكَ مِن شَيْءٍ وَأَنزَلَ ٱللَّهُ عَلَيْكَ ٱلْكِتَابَ وَٱلْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ ٱللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً
١١٣
-النساء

إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم

{ وَلَوْلاَ فَضْلُ ٱللَّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ } بإعلامك ما هم عليه بالوحي وتنبـيهِك على الحق، وقيل: بالنبوة والعِصمة { لَهَمَّتْ طَّائِفَةٌ مّنْهُمْ } أي من بني ظفَر وهم الذابّون عن طُعمةَ، وقد جُوِّز أن يكون المرادُ بالطائفة كلَّهم، ويكونُ الضميرُ راجعاً إلى الناس وقيل: هم وفدُ بني ثقيفٍ قدِموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا: جئناك لنبايعَك على أن لا تكسِرَ أصنامَنا ولا تعشِّرَنا فردّهم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم { أَن يُضِلُّوكَ } أي بأن يضلوك عن القضاء بالحق مع علمهم بكُنه الأمرِ، والجملةُ جوابُ لولا وإنما نفىٰ همَّهم مع أن المنفيَّ إنما هو تأثيرُه فقط إيذاناً بانتفاء تأثيرِه بالكلية، وقيل: المرادُ هم الهمُّ المؤثّر، ولا ريب في انتفائه حقيقةً، وقيل: الجوابُ محذوفٌ أي لأضلوك، وقوله تعالى: { لَهَمَّتْ } جملةٌ مستأنفةٌ أي لقد همت طائفة الخ { وَمَا يُضِلُّونَ إِلا أَنفُسَهُمْ } لاقتصار وبالِ مكرِهم عليهم من غير أن يُصيبَك منه شيءٌ والجملةُ اعتراضٌ، وقوله تعالى: { وَمَا يَضُرُّونَكَ مِن شَىْء } عطفٌ عليه ومحلُّ الجارِّ والمجرور النصبُ على المصدرية أي وما يضرونك شيئاً من الضرر لما أنه تعالى عاصمُك، وأما ما خطرَ ببالك فكان عملاً منك بظاهر الحالِ ثقةً بأقوال القائلين من غير أن يخطُر ببالك أن الحقيقةَ على خلاف ذلك { وَأَنزَلَ ٱللَّهُ عَلَيْكَ ٱلْكِتَـٰبَ وَٱلْحِكْمَةَ } أي القرآنَ الجامعَ بـين العنوانين، وقيل: المرادُ بالحكمة السنة { وَعَلَّمَكَ } بالوحي من خفيّات الأمورِ التي من جملتها وجوهُ إبطالِ كيدِ المنافقين، أو من أمور الدين وأحكامِ الشرع { مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ } ذلك إلى وقت التعليم { وَكَانَ فَضْلُ ٱللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً } إذ لا فضلَ أعظمُ من النبوة العامةِ والرياسة التامّة.