خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

إِنَّآ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ كَمَآ أَوْحَيْنَآ إِلَىٰ نُوحٍ وَٱلنَّبِيِّينَ مِن بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَآ إِلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَٱلأَسْبَاطِ وَعِيسَىٰ وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُوراً
١٦٣
-النساء

إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم

{ إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَىٰ نُوحٍ وَٱلنَّبِيّينَ مِن بَعْدِهِ } جوابٌ لأهل الكتابِ عن سؤالهم رسولَ الله عليه الصلاة والسلام أن ينزلَ عليهم كتاباً من السماء، واحتجاجٌ عليهم بأنه ليس بِدْعاً من الرسل وإنما شأنُه في حقيقة الإرسالِ وأصلِ الوحي كشأن سائرِ مشاهيرِ الأنبـياءِ الذين لا ريب لأحد في نبوَّتهم، والكافُ في محل نصبٍ على أنه نعتٌ لمصدر محذوفٍ أي إيحاءً مثلَ إيحائِنا إلى نوح، أو على أنه حالٌ من ذلك المصدرِ المقدر معرّفاً كما هو رأيُ سيبويهِ أي أوحينا الايحاءَ حال كونِه مشبهاً لإيحائنا الخ، ومن بعدِه متعلقٌ بأوحينا وإنما بُدىء بذكر نوحٍ لأنه أبو البشر وأولُ نبـيَ شرَع الله تعالى على لسانه الشرائعَ والأحكامَ وأولُ نبـيَ عُذّبت أمتُه لردهم دعوتَه وقد أهلك الله بدعائه أهلَ الأرضِ { وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ إِبْرٰهِيمَ } عطفٌ على أوحينا إلى نوح داخلٌ معه في حكم التشبـيهِ أي وكما أوحينا إلى إبراهيم { وَإِسْمَـٰعِيلَ وَإِسْحَــٰقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطَ } وهم أولادُ يعقوبَ عليهم السلام { وَعِيسَىٰ وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَـٰرُونَ وَسُلَيْمَـٰنَ } خُصوا بالذكر مع ظهور انتظامِهم في سلك النبـيـين تشريفاً لهم وإظهاراً لفضلهم كما في قوله تعالى: { مَن كَانَ عَدُوّا لِلَّهِ وَمَلَـٰئِكَـتَهُ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَـٰلَ } [البقرة، الآية 98] وتصريحاً بمن ينتمي إليهم اليهودُ من الأنبـياء، وتكريرُ الفعلِ لمزيد تقريرِ الإيحاء والتنبـيهِ على أنهم طائفةٌ خاصةٌ مستقلةٌ بنوع مخصوصٍ من الوحي.

{ وَءاتَيْنَا دَاوُدُ زَبُوراً } قال القرطبـي: كان فيه مائةٌ وخمسون سورةً ليس فيها حكم من الأحكام وإنما هي حِكَمٌ ومواعظُ وتحميدٌ وتمجيدٌ وثناءٌ على الله تعالى، وقُرىء بضم الزاءِ وهو جمعُ زِبْرٍ بمعنى مزبور، والجملةُ عطف على أوحينا داخلٌ في حكمه لأن إيتاءَ الزبورِ من باب الإيحاءِ أي وكما آتينا داودَ زبوراً، وإيثارُه على أوحينا إلى داود لتحقيق المماثلة في أمر خاصَ هو إيتاءُ الكتابِ بعد تحقيقِها في مطلق الإيحاءِ ثم أشير إلى تحقيقها في أمر لازمٍ لهما لزوماً كلياً وهو الإرسالُ فإن قوله تعالى