خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

حـمۤ
١
وَٱلْكِتَابِ ٱلْمُبِينِ
٢
إِنَّآ أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ
٣
فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ
٤
-الدخان

إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم

سورة الدخان مكية

إلا قوله { إنا كاشفوا العذاب } الآية وهي سبع أو تسع وخمسون آية

{ حـم * وَٱلْكِتَـٰبِ ٱلْمُبِينِ } الكلامُ فيهِ كالذي سلفَ في السورةِ السابقةِ. { إِنَّا أَنزَلْنَـٰهُ } أي الكتابَ المبـينَ الذي هُو القُرآنُ. { فِى لَيْلَةٍ مُّبَـٰرَكَةٍ } هيَ ليلةُ القدرِ، وقيلَ ليلةُ البراءةِ ابتدىءَ فيها إنزالُه، وأُنزلَ فيها جُملةً إلى السماءِ الدُّنيا من اللوحِ وأملاهُ جبريلُ عليهِ السَّلامُ على السَّفرَةِ ثم كانَ ينزله على النبـيِّ صلى الله عليه وسلم نحوَ ما في ثلاثٍ وعشرينَ سنةً كما مرَّ في سورةِ الفاتحةِ. ووصفُها بالبركةِ لَما أنَّ نزولَ القُرآنِ مستتبعٌ للمنافعِ الدينيةِ والدنيويةِ بأجمعِها أو لِما فيها من تنزلِ الملائكةِ والرحمةِ وإجابةِ الدعوةِ وقسمِ النعمةِ وفصلِ الأقضيةِ وفضيلةِ العبادةِ وإعطاءِ تمامِ الشفاعةِ لرسولِ الله صلى الله عليه وسلم، وقيلَ: يزيدُ في هذهِ الليلةِ ماءُ زمزمَ زيادةً ظاهرةً { إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ } استئنافٌ مبـينٌ لما يقتضِي الإنزالَ كأنَّه قيلَ: إنَّا أنزلناهُ لأن من شأنِنا الإنذارَ والتحذيرَ من العقابِ، وقيلَ: جوابٌ للقسمِ وقولُه تعالى إنَّا أنزلناهُ الخ اعتراضٌ وقيلَ: جوابٌ ثانٍ بغيرِ عاطفٍ. { فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ } استئنافٌ كما قبلَهُ فإنَّ كونَها مفْرَقَ الأمورِ المحكمةِ أو الملتبسةِ بالحكمةِ الموافقةِ لها يستدعِي أنْ ينزلَ فيها القرآنُ الذي هُو من عظائِمها، وقيلَ: صفةٌ أُخرى لليلةِ وما بـينَهُما اعتراضٌ وهذا يدلُّ على أنَّها ليلةُ القدرِ ومَعْنى يُفرقُ أنه يكتبُ ويفصلُ كلُّ أمرٍ حكيمٍ من أرزاقِ العبادِ وآجالِهم وجميعُ أمورِهم من هذِه الليلةِ إلى الأُخرى من السنةِ القابلةِ، وقيلَ: يبدأُ في استنساخِ ذلك من اللوحِ في ليلةِ البراءةِ ويقعُ الفراغُ في ليلةِ القدرِ فتدفعُ نسخةُ الأرزاقِ إلى ميكائيلَ ونسخةُ الحروبِ إلى جبريلَ وكذا الزلازلُ والخسفُ والصواعقُ، ونسخةُ الأعمالِ إلى إسماعيلَ صاحبِ سماءِ الدُّنيا وهُو مَلكٌ عظيمٌ ونسخةُ المصائبِ إلى مَلكِ الموتِ عليهم السَّلامُ. وقُرِىءَ يُفرَّقُ بالتشديدِ، وقُرِىءَ يَفرُقُ على البناءِ للفاعلِ أي يفرقُ الله تعالى كلَّ أمرٍ حكيمٍ، وقُرىءَ نَفْرُقُ بنونِ العظمةِ.