خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَإِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ أَن تَرْجُمُونِ
٢٠
وَإِن لَّمْ تُؤْمِنُواْ لِي فَٱعْتَزِلُونِ
٢١
فَدَعَا رَبَّهُ أَنَّ هَـٰؤُلاَءِ قَوْمٌ مُّجْرِمُونَ
٢٢
فَأَسْرِ بِعِبَادِي لَيْلاً إِنَّكُم مُّتَّبَعُونَ
٢٣
وَٱتْرُكِ ٱلْبَحْرَ رَهْواً إِنَّهُمْ جُندٌ مُّغْرَقُونَ
٢٤
كَمْ تَرَكُواْ مِن جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ
٢٥
وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ
٢٦
وَنَعْمَةٍ كَانُواْ فِيهَا فَاكِهِينَ
٢٧
كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْماً آخَرِينَ
٢٨
-الدخان

إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم

{ وَإِنّى عُذْتُ بِرَبّى وَرَبّكُمْ } أي التجأتُ إليهِ وتوكلتُ عليهِ { أَن تَرْجُمُونِ } من أنْ ترجمُونِي أيْ تُؤذونِي ضرباً أو شتماً أو أنْ تقتلوني، قيلَ لمَّا قالَ وأنْ لا تعلُوا على الله توعّدوه بالقتلِ. وقُرِىءَ بإدغامِ الذالِ في التَّاءِ. { وَإِن لَّمْ تُؤْمِنُواْ لِى فَٱعْتَزِلُونِ } أي وإنْ كابرتُم مقتضَى العقلِ ولم تُؤمنوا لي فخلُّوني كَفافاً عليَّ ولا ليَ، ولا تتعرضُوا لي بشرَ ولا أذَى فليس ذلك جزاءَ من يدعُوكم إلى ما فيهِ فلاحُكم. وحملُه على مَعْنى فاقطعُوا أسبابَ الوصلةِ عنِّي فلا موالاةَ بـيني وبـينَ منْ لا يُؤمنُ يأباهُ المقامُ.

{ فَدَعَا رَبَّهُ } بعدما تمُّوا على تكذيبهِ عليه السَّلامُ { إِنَّ هَـؤُلآء } أي بأنَّ هؤلاءِ { قَوْمٌ مُّجْرِمُونَ } وهو تعريضٌ بالدُّعاءِ عليهم بذكرِ ما استوجبُوه بهِ ولذلك سُمِّيَ دعاءً وقُرِىءَ بالكسرِ على إضمارِ القولِ. قبـيلَ كانَ دعاؤُه اللَّهم عجِّلْ لهُم ما يستحقونَهُ بإجرامِهم، وقيلَ: هُو قولُه: { { رَبَّنَا لاَ تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لّلْقَوْمِ ٱلظَّـٰلِمِينَ } [سورة يونس، الآية 85] { فَأَسْرِ بِعِبَادِى لَيْلاً } بإضمارِ القولِ إِمَّا بعدَ الفاءِ أيْ فقالَ ربُّه: أسرِ بعبادِي وإما قبلَها كأنَّه قيلَ قال: إنْ كانَ الأمرُ كَما تقولُ فأسرِ بعبادِي أيْ ببنِي إسرائيلَ فقد دبَّر الله تعالى أنْ تتقدمُوا. وقُرِىءَ بوصلِ الهمزةِ منْ سَرَى. { إِنَّكُم مّتَّبِعُونَ } أي يتبعُكم فرعونُ وجنودُه بعد ما علمُوا بخروجِكم. { وَٱتْرُكِ ٱلْبَحْرَ رَهْواً } مفتوحاً ذا فجوةٍ واسعةٍ، أو ساكناً على هيئته بعدَ ما جاوزْتَه، ولا تضربْهُ بعصاكَ لينطبقَ ولا تغيِّرْهُ عن حالِه ليدخلَه القبطُ. { إِنَّهُمْ جُندٌ مُّغْرَقُونَ } وقرىءَ أنَّهم بالفتحِ أيْ لأَنَّهم { كَمْ تَرَكُواْ } أي كثيراً تركوا بمصرَ { مّن جَنَّـٰتٍ وَعُيُونٍ وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ } محافلَ مزيّنة ومنازلَ محسَّنةٍ { وَنَعْمَةٍ } أي تنعمٍ { كَانُواْ فِيهَا فَـٰكِهِينَ } متنعمينَ وقُرِىءَ فكِهينَ { كَذٰلِكَ } الكافُ في حيِّز النصب وذلك إشارة إلى مصدر فعل يدل عليه تركوا، أي مثل ذلك السلبِ سلبناهُم إيَّاها { وَأَوْرَثْنَـٰهَا قَوْماً ءَاخَرِينَ } وقيلَ: مثلَ ذلكَ الإخراجِ أخرجناهُم منها، وقيلَ: في حيزِ الرفعِ على الخبريةِ أيِ الأمرُ كذلكَ فحينئذٍ يكونُ أورثناهَا معطوفاً على تركُوا وعلى الأولَينِ على الفعلِ المقدرِ.