خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَإِذَا عَلِمَ مِنْ ءَايَٰتِنَا شَيْئاً ٱتَّخَذَهَا هُزُواً أُوْلَـٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ
٩
مِّن وَرَآئِهِمْ جَهَنَّمُ وَلاَ يُغْنِي عَنْهُم مَّا كَسَبُواْ شَيْئاً وَلاَ مَا ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ أَوْلِيَآءَ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ
١٠
هَـٰذَا هُدًى وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِآيَٰتِ رَبِّهِمْ لَهُمْ عَذَابٌ مِّن رِّجْزٍ أَلِيمٌ
١١
-الجاثية

إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم

{ وَإِذَا عَلِمَ مِنْ ءايَـٰتِنَا شَيْئاً } أي إذا بلغَهُ من آياتِنا شيءٌ وعلم أنَّه من آياتِنا لا أنه علمهُ كما هُو عليهِ فإنَّه بمعزلٍ عن ذلك العلمِ، وقيلَ: إذا علم منها شيئاً يمكنُ أنْ يتشبثَ به المعاندُ ويجدَ له محملاً فاسداً يتوصلُ به إلى الطعنِ والغميزةِ { ٱتَّخَذَهَا } أي الآياتِ كلَّها { هُزُواً } أي مَهْزُوءاً بَها لا ما سمَعهُ فقطْ، وقيلَ: الضميرُ للشيءِ، والتأنيثُ لأنَّه في معنى الآيةِ. { أُوْلَـٰئِكَ } إشارةٌ إلى كلِّ أفاكٍ من حيثُ الاتصافُ بما ذُكرَ من القبائِحِ، والجمعُ باعتبارِ الشمولِ للكلِّ كما في قولِه تعالى: { { كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ } [سورة المؤمنون، الآية 5] كما أنَّ الإفرادَ فيما سبقَ من الضمائرِ باعتبارِ كلِّ واحدٍ واحدٍ. { لَهُمْ } بسببِ جناياتِهم المذكورةِ { عَذَابٌ مُّهِينٌ } وصف العذابِ بالإهانةِ توفيةً لحقِّ استكبارِهم واستهزائِهم بآياتِ الله سبحانه وتعالى. { مّن وَرَائِهِمْ جَهَنَّمُ } أي من قُدامِهم لأنهم متوجهونَ إلى ما أُعدَّ لهُم، أو من خلفِهم لأنهم معرضونَ عن ذلكَ مقبلونَ على الدُّنيا فإن الوراءَ اسمٌ للجهةِ التي يُواريها الشخصُ من خلفٍ وقُدامٍ. { وَلاَ يُغْنِى عَنْهُم } ولا يدفعُ { مَّا كَسَبُواْ } من الأموالِ والأولادِ { شَيْئاً } من عذابِ الله تعالى أو شيئاً من الإغناءِ { وَلاَ مَا ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ أَوْلِيَاء } أي الأصنامَ، وتوسيطُ حرفِ النفي بـينِ المعطوفينِ مع أنَّ عدمَ إغناءِ الأصنامِ أظهرُ وأجلى من عدمِ إغناءِ الأموالِ والأولادِ قطعاً مبنيٌّ على زعمِهم الفاسدِ حيثُ كانُوا يطمعونَ في شفاعتِهم وفيه تهكمٌ. { وَلَهُمْ } فيما وراءَهُم من جهنمَ { عَذَابٌ عظِيمٌ } لا يُقادرُ قدرُه.

{ هَـٰذَا } أي القرآنُ { هُدًى } في غايةِ الكمالِ من الهدايةِ كأنَّه نفسُها { وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } أي بالقرآنِ وإنما وضعَ موضعَ ضميرِه في قوله تعالى: { بآيَـٰتِ رَبّهِمْ } لزيادةِ تشنيعِ كفرِهم به وتفظيعِ حالِهم { لَهُمْ عَذَابٌ مّن رّجْزٍ } أي من أشدِّ العذابِ { أَلِيمٌ } بالرفعِ صفةُ عذابٌ، وقُرىءَ بالجرِّ على أنَّه صفة رجزٍ، وتنوينُ عذابٌ في المواقعِ الثلاثةِ للتفخيمِ، ورفعُه إما على الابتداء وإما على الفاعلية.