خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

قُلِ ٱللَّهُ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يَجْمَعُكُمْ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ لاَ رَيْبَ فِيهِ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ
٢٦
وَلِلَّهِ مُلْكُ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ وَيَوْمَ تَقُومُ ٱلسَّاَعةُ يَوْمَئِذٍ يَخْسَرُ ٱلْمُبْطِلُونَ
٢٧
وَتَرَىٰ كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً كُلُّ أمَّةٍ تُدْعَىٰ إِلَىٰ كِتَابِهَا ٱلْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ
٢٨
هَـٰذَا كِتَابُنَا يَنطِقُ عَلَيْكُم بِٱلْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنسِخُ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ
٢٩
-الجاثية

إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم

{ قُلِ ٱللَّهُ يُحْيِيكُمْ } ابتداءً { ثُمَّ يُمِيتُكُمْ } عندَ انقضاءِ آجالِكم لا كما تزعمونَ من أنَّكم تحيَونَ وتموتونَ بحُكمِ الدهرِ. { ثُمَّ يَجْمَعُكُمْ } بعدَ الموتِ { إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَـٰمَةِ } للجزاءِ { لاَ رَيْبَ فِيهِ } أي في جمعِكم فإنَّ مَنْ قدرَ عَلَى البدءِ قدرَ على الإِعادةِ والحكمةُ اقتضتْ الجمعَ للجزاءِ لا محالةَ والوعدُ المصدقُ بالآياتِ دلَّ على وقَوعِها حتماً، والإتيانُ بآبائِهم حيثُ كانَ مُزاحماً للحكمةِ التشريعيةِ امتنعَ إيقاعُه { وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ } استدراكُ من قولِه تعالَى لا رَيْبَ فيهِ وهُو إمَّا من تمامِ الكلامِ المأمورِ بهِ أو كلامٌ مسوقٌ من جهتِه تعالَى تحقيقاً للحقِّ وتنبـيهاً على أنَّ ارتيابَهُم لجهلِهم وقُصُورِهم في النظرِ والتفكرِ لا لأنَّ فيه شائبةَ رَيْبٍ مَا { وَللَّهِ مُلْكُ ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلأَرْضَ } بـيانٌ لاختصاصِ المُلكِ المطلقِ والتَّصرفِ الكُليِّ فيهمَا وفيمَا بـينهُمَا بالله عزَّ وجلَّ إثرَ بـيانِ تصرفِه تعالَى في النَّاسِ بالإحياءِ والإماتةِ والبعثِ والجمعِ للمُجازاةِ. { وَيَوْمَ تَقُومُ ٱلسَّاَعةُ يَوْمَئِذٍ يَخْسَرُ ٱلْمُبْطِلُونَ } العاملُ في يومَ يَخْسرُ ويومئذٍ بدلٌ منه.

{ وَتَرَىٰ كُلَّ أُمَّةٍ } منَ الأُممِ المجموعةِ { جَاثِيَةً } باركةً على الركبِ مُستوفزةً، وقُرِىءَ جاذيةً أي جالسةً على أطرافِ الأصابعِ والجَذْوُ أشدُّ استيفازاً منَ الجُثُوّ. وعنِ ابن عبَّاسٍ رضي الله عنهُمَا جائيةً مجتمعةً وقيلَ: جماعاتٍ من الجُثْوةِ وهيَ الجماعةُ. { كُلُّ أمَّةٍ تُدْعَىٰ إِلَىٰ كِتَـٰبِهَا } إلى صحيفةِ أعمالها. وقُرِىءَ كُلَّ بالنصبِ على أنَّه بدل من الأولِ وَتُدْعَى صفةٌ أو حالٌ أو مفعولٌ ثانٍ. { ٱلْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } أي يقالُ لهم ذلكَ وقوله تعالى:

{ هَـٰذَا كِتَـٰبُنَا } الخ من تمامِ ما يُقالُ حينئذٍ وحيثُ كانَ كتابُ كلِّ أمةٍ مكتوباً بأمرِ الله تعالى أضيفَ إلى نونِ العظمةِ تفخيماً لشأنِه وتهويلاً لأمرِه فهذَا مبتدأٌ وكتابُنا خبرُهُ. وقولُه تعالى: { يَنطِقُ عَلَيْكُم } أيْ يشهد عليكُم { بِٱلْحَقّ } من غيرِ زيادةٍ ولا نقصٍ، خبرٌ آخرُ أو حالٌ وبالحقِّ حالٌ من فاعلِ ينطقُ. وقولُه تعالَى { إِنَّا كُنَّا نَسْتَنسِخُ } الخ تعليلٌ لنطقهِ عليهم بأعمالِهم من غيرِ إخلالٍ بشيءٍ منَها أي إنَّا كُنَّا فيما قبلُ نستكتبُ الملائكةَ { مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } في الدُّنيا منَ الأعمالِ حسنةً كانتْ أو سيئةً.