خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ ٱلْقَوْلُ فِيۤ أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِمْ مِّنَ ٱلْجِنِّ وَٱلإِنسِ إِنَّهُمْ كَانُواْ خَاسِرِينَ
١٨
وَلِكُلٍّ دَرَجَٰتٌ مِّمَّا عَمِلُواْ وَلِيُوَفِّيَهُمْ أَعْمَٰلَهُمْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ
١٩
وَيَوْمَ يُعْرَضُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ عَلَى ٱلنَّارِ أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَـٰتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ ٱلدُّنْيَا وَٱسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا فَٱلْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ ٱلْهُونِ بِمَا كُنتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي ٱلأَرْضِ بِغَيْرِ ٱلْحَقِّ وَبِمَا كُنتُمْ تَفْسُقُونَ
٢٠
-الأحقاف

إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم

{ أُوْلَـٰئِكَ } القائلون هذه المقالاتِ الباطلةَ { ٱلَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ ٱلْقَوْلُ } وهو قولُه تعالى لإبليسَ: { { لاَمْلاَنَّ جَهَنَّمَ مِنكَ وَمِمَّن تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ } [سورة ص، الآية 85] كما ينبىءُ عنهُ قولُه تعالى: { فِى أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِمْ مّنَ ٱلْجِنّ وَٱلإِنْسِ } وقدْ مرَّ تفسيرُه في سورةِ الم السجدةُ { إِنَّهُمْ } جميعاً { كَانُواْ خَـٰسِرِينَ } قد ضيَّعُوا فطرتَهُم الأصليةَ الجاريةَ مجرى رؤوسِ أموالِهم باتِّباعِهم الشيطانَ، والجملةُ تعليلٌ للحُكمِ بطريقِ الاستئنافِ التحقيقيِّ. { وَلِكُلّ } من الفريقينِ المذكورينِ { دَرَجَـٰتٌ مّمَّا عَمِلُواْ } مراتبُ من أجزيةِ ما عملوا من الخير والشرِّ. والدرجاتُ غالبةٌ في مراتبِ المَثوبة، وإيرادُها هَهُنا بطريقِ التغليبِ. { وَلِيُوَفّيَهُمْ أَعْمَـٰلَهُمْ } أي أجزيةَ أعمالِهم. وقُرِىءَ بنونِ العظمةِ. { وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ } بنقصِ ثوابِ الأولينَ وزيادةِ عقابِ الآخرينَ. والجملةُ إمَّا حالٌ مؤكدةٌ للتوفية، أو استئنافٌ مقررٌ لها، واللامُ متعلقةٌ بمحذوفٍ مُؤخرٍ كأنَّه قيلَ وليُوفِّيهم أعمالَهُم ولا يظلمَهُم حقوقَهم، فعلَ ما فعل من تقديرِ الأجزيةِ على مقاديرِ أعمالِهم فجعلَ الثوابَ درجاتٍ والعقابَ دركاتٍ. { وَيَوْمَ يُعْرَضُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ عَلَى ٱلنَّارِ } أي يُعذَّبُونَ بَها منْ قولِهم عُرض الأسُارَى على السيفِ أي قُتلوا، وقيل: يُعرض النارُ عليهم بطريقِ القلبِ مبالغةً. { أَذْهَبْتُمْ طَيّبَـٰتِكُمْ } أي يقالُ لهم ذلكَ وهو الناصبُ للظرفِ. وقُرِىءَ أأْذهبتُم بهمزتينِ وبألفٍ بـينَهمَا على الاستفهامِ التوبـيخيِّ أي أصبتُم وأخذتُم ما كُتب لكُم من حُظوظِ الدُّنيا ولذائِذها. { فِى حَيَـٰتِكُمُ ٱلدُّنْيَا وَٱسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا } فلم يبقَ لَكُم بعد ذلكَ شيءٌ منَها. { فَٱلْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ ٱلْهُونِ } أيْ الهوانِ. وقد قُرِىءَ كذلكَ. { بِمَا كُنتُمْ } في الدُّنيا { تَسْتَكْبِرُونَ فِى ٱلأَرْضِ بِغَيْرِ ٱلْحَقّ } بغيرِ استحقاقٍ لذلكَ { وَبِمَا كُنتُمْ تَفْسُقُونَ } أي تخرجونَ عن طاعةِ الله عزَّ وجلَّ أي بسببِ استكبارِكم وفسقِكم المستمرين. وقُرِىءَ تَفْسِقونَ بكسرِ السِّينِ.