خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

لِّيُدْخِلَ ٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَيُكَفِّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَكَانَ ذَلِكَ عِندَ ٱللَّهِ فَوْزاً عَظِيماً
٥
وَيُعَذِّبَ ٱلْمُنَافِقِينَ وَٱلْمُنَافِقَاتِ وَٱلْمُشْرِكِينَ وَٱلْمُشْرِكَاتِ ٱلظَّآنِّينَ بِٱللَّهِ ظَنَّ ٱلسَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَآئِرَةُ ٱلسَّوْءِ وَغَضِبَ ٱللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَآءَتْ مَصِيراً
٦
-الفتح

إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم

وقولُه تعالى: { لّيُدْخِلَ ٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَـٰتِ جَنَّـٰتٍ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَـٰرُ خَـٰلِدِينَ فِيهَا } متعلقٌ بما يدلُّ عليهِ ما ذُكِرَ من كونِ جنودِ السمواتِ والأرضِ لهُ تعالى من مَعْنى التصرفِ والتدبـيرِ أي دبرَ ما دبرَ من تسليطِ المؤمنينَ ليعرفُوا نعمةَ الله في ذلكَ ويشكرُوها فيدخلَهم الجنةَ { وَيُكَفّرَ عَنْهُمْ سَيّئَـٰتِهِمْ } أي يُغطيها ولا يُظهرها. وتقديمُ الإدخالِ في الذكرِ على التكفيرِ مع أن الترتيبَ في الوجودِ على العكسِ للمسارعةِ إلى بـيانِ ما هو المطلبُ الأَعْلى { وَكَانَ ذٰلِكَ } أي ما ذُكِرَ من الإدخالِ والتكفيرِ { عِندَ ٱللَّهِ فَوْزاً عَظِيماً } لا يُقادرُ قدره لأنَّه مُنتهى ما يمتدُّ إليه أعناقُ الهممِ من جلبِ نفعٍ ودفعِ ضُرَ. وعندَ الله حالٌ منْ فَوزاً لأنَّه صفتُه في الأصلِ فلمَّا قدمَ عليهِ صارَ حالاً أي كائناً عند الله أي في علمِه تعالى وقضائِه والجملةُ اعتراضٌ مقررٌ لما قبلَهُ.

{ وَيُعَذّبَ ٱلْمُنَـٰفِقِينَ وَٱلْمُنَـٰفِقَـٰتِ وَٱلْمُشْرِكِينَ وَٱلْمُشْرِكَـٰتِ } عطفٌ على يُدخل. وفي تقديمِ المنافقينَ على المشركينَ ما لا يَخفْى من الدلالةِ على أنَّهم أحقُّ منُهم بالعذابِ. { ٱلظَّانّينَ بِٱللَّهِ ظَنَّ ٱلسَّوْء } أي ظنَّ الأمرِ السوءِ وهو أنْ لا ينصرَ رسولَه والمؤمنين { عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ ٱلسَّوْء } أي ما يظنونَهُ ويتربصونَهُ بالمؤمنينَ فهو حائقٌ بهم ودائرٌ عليهم. وقُرِىءَ دائرةُ السُّوء بالضمِّ وهُمَا لُغتانِ من ساءَ، كالكُره والكَره خلا أنَّ المفتوحَ غلبَ في أنْ يضافَ إليهِ ما يُرادُ ذمُّه من كلِّ شيءٍ وأما المضمومُ فجارٍ مَجْرى الشرِّ { وَغَضِبَ ٱللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ } عطفٌ على ما استحقُّوه في الآخرةِ على ما استوجبُوه في الدُّنيا. والواوُ في الأخيرينِ مع أنَّ حقَّهما الفاءُ المفيدةُ لسببـيةِ ما قبلَها لما بعدَها للإيذانِ باستقلالِ كلَ منهُما في الوعيدِ وأصالتِه من غيرِ اعتبارِ استتباعِ بعضِها لبعضٍ { وَسَاءتْ مَصِيراً } أي جهنمُ.