خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

فَضْلاً مِّنَ ٱللَّهِ وَنِعْمَةً وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ
٨
وَإِن طَآئِفَتَانِ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ ٱقْتَتَلُواْ فَأَصْلِحُواْ بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَىٰ ٱلأُخْرَىٰ فَقَاتِلُواْ ٱلَّتِي تَبْغِي حَتَّىٰ تَفِيۤءَ إِلَىٰ أَمْرِ ٱللَّهِ فَإِن فَآءَتْ فَأَصْلِحُواْ بَيْنَهُمَا بِٱلْعَدْلِ وَأَقْسِطُوۤاْ إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلْمُقْسِطِينَ
٩
إِنَّمَا ٱلْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُواْ بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ
١٠
-الحجرات

إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم

{ فَضْلاً مّنَ ٱللَّهِ وَنِعْمَةً } أيْ وَإنعاماً تعليلٌ لحببَ أو كرَّه، وما بـينَهمَا اعتراضٌ وقيلَ نصبُهمَا بفعلٍ مضمرٍ أيْ جَرى ذلكَ فضلاً وقيلَ يبتغونَ فضلاً { وَٱللَّهُ عَلِيمٌ } مبالغٌ في العلمِ فيعلمُ أحوالَ المؤمنينَ وما بـينَهم من التفاضلِ { حَكِيمٌ } يفعلُ كُلَّ ما يفعلُ بموجبِ الحكمةِ. { وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ ٱقْتَتَلُواْ } أي تقاتلُوا والجمعُ باعتبارِ المَعْنى { فَأَصْلِحُواْ بَيْنَهُمَا } بالنُّصحِ والدعاءِ إلى حُكمِ الله تعالى { فَإِن بَغَتْ } أي تعدتْ { إِحْدَاهُمَا عَلَىٰ ٱلأُخْرَىٰ } وَلَمْ تتأثرْ بالنصيحةِ { فَقَـٰتِلُواْ ٱلَّتِى تَبْغِى حَتَّىٰ تَفِىء } أيْ ترجعَ { إِلَىٰ أَمْرِ ٱللَّهِ } إِلى حُكمهِ أوْ إلى مَا أمرَ بهِ { فَإِن فَاءتْ } إليهِ وأقلعتْ عن القتالِ حذاراً من قتالِكم { فَأَصْلِحُواْ بَيْنَهُمَا بِٱلْعَدْلِ } بفصلِ ما بـينَهما على حُكمِ الله تَعالى ولا تكتفُوا بمجردِ متاركتهِما عَسى يكونُ بـينَهما قتالٌ في وقتٍ آخرَ، وتقيـيدُ الإصلاحِ بالعدلِ لأنَّه مظِنةُ الحيفِ لوقوعِه بعدَ المقاتلةِ وقدْ أكَّد ذلكَ حيثُ قيلَ: { وَأَقْسِطُواْ } أيْ واعدلُوا في كُلِّ ما تأتونَ وما تذرونَ { إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلْمُقْسِطِينَ } فيجازيهُم أحسنَ الجزاءِ والآيةُ نزلتْ في قتالٍ حدثَ بـينَ الأوسِ والخزرجِ في عهدِه عليهِ الصلاةُ والسلامُ بالسَعَفِ والنعالِ، وفيهَا دلالةً على أنَّ الباغيَ لا يخرجُ بالبغِي عنِ الإيمانِ وأنَّه إذَا أمسكَ عنِ الحربِ تُركَ لأنَّه فيءٌ إلى أمرِ الله تعَالى وأنه يجبُ معاونةُ منْ بُغيَ عليهِ بعدَ تقديمِ النُّصحِ والسعْيِ في المصالحةِ.

{ إِنَّمَا ٱلْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ } استئنافٌ مقررٌ لما قبلَهُ منَ الأمرِ بالإصلاحِ أيْ أنهم منتسبونَ إلى أصلٍ واحدٍ هُوَ الإيمانُ الموجبُ للحياةِ الأبديةِ، والفاءُ في قولهِ تعالَى: { فَأَصْلِحُواْ بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ } للإيذانِ بأَنَّ الأخوةَ الدينيةَ موجبةٌ للإصلاح، ووضعُ المُظهرِ مقامَ المضمرِ مُضافاً إلى المأمورينَ للمبالغةِ في تأكيدِ وجوبِ الإصلاحِ والتحضيضِ عليهِ وتخصيصُ الاثنينِ بالذكرِ لإثباتِ وجوبِ الإصلاحِ فيَما فوقَ ذلكَ بطريقِ الأولويةِ لتضاعفِ الفتنةِ والفسادِ فيهِ وقيلَ المرادُ بالأخوينِ الأوسُ والخزرجُ وقُرىءَ بـينَ إخوتِكم وإخوانِكم { وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ } في كُلَّ ما تأتونَ وما تذرونَ من الأمورِ التي منْ جُملتِها ما أُمرتِم بهِ منَ الإصلاحِ { لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ } راجينَ أنْ ترحمُوا عَلى تقواكم.