خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

يُرِيدُ أَن يُخْرِجَكُمْ مِّنْ أَرْضِكُمْ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ
١١٠
قَالُوۤاْ أَرْجِهْ وَأَخَاهُ وَأَرْسِلْ فِي ٱلْمَدَآئِنِ حَاشِرِينَ
١١١
يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ
١١٢
وَجَآءَ ٱلسَّحَرَةُ فِرْعَوْنَ قَالْوۤاْ إِنَّ لَنَا لأَجْراً إِن كُنَّا نَحْنُ ٱلْغَالِبِينَ
١١٣
قَالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ لَمِنَ ٱلْمُقَرَّبِينَ
١١٤
-الأعراف

إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم

{ يُرِيدُ أَن يُخْرِجَكُم مّنْ أَرْضِكُمْ } أي من أرض مصرَ { فَمَاذَا تَأْمُرُونَ } بفتح النون وما في ماذا في محل النصب على أنه مفعول ثان لتأمرون بحذف الجار، والأولُ محذوف والتقديرُ بأي شيء تأمرونني، وهذا من كلام فرعونَ كما في قوله تعالى: { { ذٰلِكَ لِيَعْلَمَ أَنّى لَمْ أَخُنْهُ بِٱلْغَيْبِ } [يوسف: 52] أي فإذا كان كذلك فماذا تشيرون عليّ في أمره؟ وقيل: قاله الملأ بطريق التبليغِ إلى العامة فقوله تعالى: { قَالُواْ أَرْجِهْ وَأَخَاهُ } على الأول وهو الأظهرُ حكايةً لكلام الملأ الذين شاورهم فرعونُ وعلى الثاني لكلام العامة الذين خاطبهم الملأ ويأباه أن الخطابَ لفرعون وأن المشاورةَ ليست وظائفَهم أي أخِّرْه وأخاه، وعدمُ التعرض لذكره لظهور كونِه معه حسبما تنادي به الآياتُ الأُخَرُ، والمعنى أخِّرْ أمرَهما وأصدِرْهما عنك حتى ترى رأيك فيهما وتدبرَ شأنهما، وقرىء أرجِئْه وأرجِهِ من أرْجَأَه وأرْجاه { وَأَرْسِلْ فِى ٱلْمَدَائِنِ حَـٰشِرِينَ } قيل: هي مدائنُ صعيدِ مصرَ وكان رؤساءُ السحرةِ ومَهَرتُهم بأقصى مدائنِ الصعيد. وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنهم كانوا سبعين ساحراً أخذوا السحرَ من رجلين مجوسيـين من أهل نينَوى مدينةِ يونسَ عليه السلام بالمَوْصِل، ورُد ذلك بأن المجوسيةَ ظهرت بزرادَشْت وهو إنما جاء بعد موسى عليه الصلاة والسلام { يَأْتُوكَ بِكُلّ سَـٰحِرٍ عَلِيمٍ } أي ماهرٍ في السحر، وقرىء بكل سحّار عليم، والجملةُ جوابُ الأمر.

{ وَجَاء ٱلسَّحَرَةُ فِرْعَوْنَ } بعد ما أرسل إليهم الحاشرين وإنما لم يصرَّح به حسبما في قوله تعالى: { فَأَرْسَلَ فِرْعَونُ فِى ٱلْمَدَائِنِ حَـٰشِرِينَ } [الشعراء: 53] للإيذان بمسارعة فرعونَ إلى الإرسال ومبادرةِ الحاشرين والسحرة إلى الامتثال.

{ قَالُواْ } استئنافٌ منوطٌ بسؤال نشأ من مجيء السحرةِ كأنه قيل: فماذا قالوا له عند مجيئِهم إياه؟ فقيل: قالوا مدْلين بما عندهم واثقين بغلبتهم: { إِنَّ لَنَا لأَجْرًا إِن كُنَّا نَحْنُ ٱلْغَـٰلِبِينَ } بطريق الإخبارِ بثبوت الأجرِوإيجابِه كأنهم قالوا: لا بد لنا من أجر عظيم حينئذ، أو بطريق الاستفهامِ التقريري بحذف الهمزة وقرىء بإثباتها، وقولُهم: (إن كنا) لمجرد تعيـينِ مناطِ ثبوتِ الأجرِ لا لترددهم في الغلبة، وتوسيطُ الضميرِ وتحليةُ الخبر باللام للقصر أي إن كنا نحن الغالبـين لا موسى { قَالَ نَعَمْ } وقوله تعالى: { وَإِنَّكُمْ لَمِنَ ٱلْمُقَرَّبِينَ } عطف على محذوف سد مسدَّه حرفُ الإيجابِ كأنه قال: إن لكم لأجراً وإنكم مع ذلك لمن المقربـين للمبالغة في الترغيب. روي أنه قال لهم: تكونون أولَ من يدخُل مجلسي وآخِرَ من يخرُج منه.