خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

إِنَّ وَلِيِّـيَ ٱللَّهُ ٱلَّذِي نَزَّلَ ٱلْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى ٱلصَّالِحِينَ
١٩٦
وَٱلَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَكُمْ وَلاۤ أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ
١٩٧
وَإِن تَدْعُوهُمْ إِلَى ٱلْهُدَىٰ لاَ يَسْمَعُواْ وَتَرَٰهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ
١٩٨
-الأعراف

إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم

{ إِنَّ وَلِيّىَ ٱللَّهُ ٱلَّذِى نَزَّلَ ٱلْكِتَـٰبَ } تعليلٌ لعدم المبالاةِ المنفهمِ من السَّوْق انفهاماً جلياً، ووصفُه تعالى بتنزيل الكتابِ للإشعار بدليل الولايةِ والإشارةِ إلى علة أخرى لعدم المبالاةِ كأنه قيل: لا أبالي بكم وبشركائكم لأن وليّـيَ هو الله الذي أنزل الكتابَ الناطقَ بأنه وليِّـي وناصري وبأن شركاءَكم لا يستطيعون نصرَ أنفسِهم فضلاً عن نصركم، وقوله تعالى: { وَهُوَ يَتَوَلَّى ٱلصَّـٰلِحِينَ } تذيـيلٌ مقرِّرٌ لمضمون ما قبله أي ومن عادته أن يتولى الصالحين من عباده وينصُرَهم ولا يخذُلَهم { وَٱلَّذِينَ تَدْعُونَ } أي تعبدونهم { مِن دُونِهِ } تعالى أو تدعونهم للاستعانة بهم عليّ حسبما أمرتُكم به { لاَ يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَكُمْ } أي في أمر من الأمور أو في خصوص الأمرِ المذكور { وَلاَ أَنفُسَهُمْ يَنصُرُونَ } إذا نابتْهم نائبةٌ { وَإِن تَدْعُوهُمْ إِلَى ٱلْهُدَىٰ } إلى أن يهدوكم إلى ما تحصّلون به مقاصدَكم على الإطلاق أو في خصوص الكيدِ المعهود { لاَ يَسْمَعُواْ } أي دعاءَكم فضلاً عن المساعدة والإمدادِ، وهذا أبلغُ من نفي الاتباعِ، وقوله تعالى: { وَتَرَاهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ } بـيانٌ لعجزهم عن الإبصار بعد بـيانِ عجزِهم عن السمع وبه يتم التعليلُ فلا تكرارَ أصلاً، والرؤيةُ بصريةٌ، وقوله تعالى: { يَنظُرُونَ إِلَيْكَ } حالٌ من المفعول، والجملةُ الاسميةُ حالٌ من فاعل ينظرون، أي وترى الأصنامَ رأيَ العين يُشبهون الناظرين إليك ويخيّل إليك بأنهم يُبْصِرونك لما أنهم صنعوا لها أعيناً مركبةً بالجواهر المضيئة المتلألئة وصوّروها بصورة مَنْ قلبَ حدَقتَه إلى الشيء ينظُر إليه، والحالُ أنهم غيرُ قادرين على الإبصار، وتوحيدُ الضمير في تراهم مع رجوعه إلى المشركين لتوجيه الخِطابِ إلى كل واحد منهم لا إلى الكل من حيث هو كلٌّ كالخطابات السابقةِ تنبـيها على أن رؤية الأصنامِ على الهيئة المذكورةِ لا تتسنّى للكل معاً بل لكل من يواجهها، وقيل: ضميرُ الفاعل في تراهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم وضميرُ المفعولِ على حاله، وقيل: للمشركين على أن التعليلَ قد تم عند قوله تعالى: { لاَ يَسْمَعُواْ } أي وترى المشركين ينظُرون إليك والحال أنهم لا يبصِرونك كما أنت عليه. وعن الحسن أن الخِطابَ في قوله تعالى: { وَأَنْ تَدْعُواْ } للمؤمنين على أن التعليلَ قد تم عند قوله تعالى: { يُنصَرُونَ } أي وإن تدعوا أيها المؤمنون المشركين إلى الإسلام لا يلتفتوا إليكم، ثم خوطب عليه السلام بطريق التجريدِ بأنك تراهم ينظُرون إليك والحالُ أنهم لا يُبصرونك حقَّ الإبصار تنبـيهاً على أن ما فيه عليه السلام من شواهد النبوةِ ودلائلِ الرسالةِ من الجلاء بحيث لا يكاد يخفى على الناظرين.