خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

قَالاَ رَبَّنَا ظَلَمْنَآ أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ ٱلْخَاسِرِينَ
٢٣
قَالَ ٱهْبِطُواْ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي ٱلأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَىٰ حِينٍ
٢٤
قَالَ فِيهَا تَحْيَوْنَ وَفِيهَا تَمُوتُونَ وَمِنْهَا تُخْرَجُونَ
٢٥
-الأعراف

إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم

{ قَالاَ رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا } أي ضرّرناها بالمعصية والتعريضِ للإخراج من الجنة { وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا } ذلك { وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ ٱلْخَـٰسِرِينَ } وهو دليلٌ على أن الصغائرَ يُعاقب عليها إن لم تُغفرْ، وقالت المعتزلةُ: لا يجوز المعاقبةُ عليها مع اجتناب الكبائرِ، ولذلك حمَلوا قولَهما ذلك على عادات المقربـين في استعظام الصغيرِ من السيئات واستصغارِ العظيمِ من الحسنات.

{ قَالَ } استئناف كما مر مراراً { ٱهْبِطُواْ } خطابٌ لآدمَ وحواءَ وذريتِهما، أو لهما ولإبليسَ، كُرر الأمرُ تبعاً لهما ليعلمَ أنهم قرناءُ أبداً، أو أُخبر عما قال لهم مفرّقاً كما في قوله تعالى: { يٰأَيُّهَا ٱلرُّسُلُ كُلُواْ مِنَ ٱلطَّيّبَـٰتِ } [المؤمنون، الآية 51] ولم يُذكر هٰهنا قَبولُ توبتِهما ثقةً بما ذكر في سائر المواضع { بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ } جملةٌ حالية من فاعل اهبطوا أي مُتعادِين { وَلَكُمْ فِى ٱلأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ } أي استقرارٌ أو موضعُ استقرارٍ { وَمَتَـٰعٌ } أي تمتعٌ وانتفاع { إِلَىٰ حِينٍ } هو حينُ انقضاءِ آجالِكم.

{ قَالَ } أُعيد الاستئنافُ إما للإيذان بعدم اتصالِ ما بعده بما قبله كما في قوله تعالى: { { قَالَ فَمَا خَطْبُكُمْ أَيُّهَا ٱلْمُرْسَلُونَ } [الحجر، الآية 57] إثرَ قوله تعالى: { { قَالَ وَمَن يَقْنَطُ مِن رَّحْمَةِ رَبّهِ إِلاَّ ٱلضَّآلُّونَ } [الحجر، الآية 56] وقوله تعالى: { قَالَ أَرَءيْتَكَ هَـٰذَا ٱلَّذِى كَرَّمْتَ عَلَىَّ } [الإسراء، الآية 62] بعد قوله تعالى: { قَالَ أَءسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِينًا } [الإسراء، الآية 61] وإما لإظهار الاعتناءِ بمضمون ما بعده من قوله تعالى: { فِيهَا تَحْيَوْنَ وَفِيهَا تَمُوتُونَ وَمِنْهَا تُخْرَجُونَ } أي للجزاءِ كقوله تعالى: { { مِنْهَا خَلَقْنَـٰكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَىٰ } [طه، الآية 55].