خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَأَذَانٌ مِّنَ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى ٱلنَّاسِ يَوْمَ ٱلْحَجِّ ٱلأَكْبَرِ أَنَّ ٱللَّهَ بَرِيۤءٌ مِّنَ ٱلْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ فَإِن تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَٱعْلَمُوۤاْ أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي ٱللَّهِ وَبَشِّرِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ
٣
-التوبة

إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم

{ وَأَذَانٌ مّنَ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِ } أي إعلامٌ منهما فعَال بمعنى الإفعال كالعطاء بمعنى الإعطاء ورفعُه كرفع براءةٌ والجملةُ معطوفةٌ على مثلها وإنما قيل: { إِلَى ٱلنَّاسِ } أي كافةً لأن الأذانَ غيرُ مختصٍ بقوم دون آخَرين كالبراءة الخاصة بالناكثين بل هو شاملٌ لعامة الكفرةِ وللمؤمنين أيضاً { يَوْمَ ٱلْحَجّ ٱلأَكْبَرِ } هو يومُ العيدِ لأن فيه تمامَ الحجِّ ومعظَم أفعالِه ولأن الإعلامَ كان فيه ولما روي " أنه عليه الصلاة والسلام وقف يوم النحِر عند الجَمَرات في حَجة الوداع فقال: هذا يومُ الحجِّ الأكبر" . وقيل: يومُ عرفةَ لقوله عليه الصلاة والسلام: "الحج عرفة" ووصفُ الحجِّ بالأكبر لأن العُمرة تسمى الحجَّ الأصغرَ أو لأن المرادَ بالحج ما يقع في ذلك اليوم من أعماله فإنه أكبرُ من باقي الأعمال، أو لأن الحج اجتمع فيه المسلمون والمشركون أو لأنه ظهر فيه عزُّ المسلمين وذلُّ المشركين { أَنَّ ٱللَّهَ } أي بأن الله وقرىء بالكسر لِما أن الأذانَ فيه معنى القول { بَرِىء مّنَ ٱلْمُشْرِكِينَ } أي المعاهِدين الناكثين { وَرَسُولُهُ } عطف على المستكنِّ في بريء أو على محل أنّ واسمِها على قراءة الكسر وقرىء بالنصب عطفاً على اسم أنّ أو لأن الواوَ بمعنى مع أي بريءٌ معه منهم، وبالجر على الجوار وقيل: على القسم { فَإِن تُبْتُمْ } من الشرك والغدر التفاتٌ من الغَيبة إلى الخطاب لزيادة التهديدِ والتشديد، والفاءُ لترتيب مقدّمِ الشرطيةِ على الأذان بالبراءة المذيّلةِ بالوعيد الشديد المُؤذِنِ بلِين عَريكتِهم وانكسارِ شدة شكيمتِهم { فَهُوَ } أي فالتوب { خَيْرٌ لَّكُمْ } في الدارين { وَإِن تَوَلَّيْتُمْ } عن التوبة أو ثبَتُّم على التولي عن الإسلام والوفاء { فَٱعْلَمُواْ أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِى ٱللَّهِ } غيرُ سابقين ولا فائتين { وَبَشّرِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } تلوينٌ للخطاب وصرفٌ له عنهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لأن البشارة { بِعَذَابٍ أَلِيمٍ } وإن كانت بطريق التهكمِ إنما تليق بمن يقفُ على الأسرار الإلٰهية.