خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

قَالُواْ يٰشُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ كَثِيراً مِّمَّا تَقُولُ وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفاً وَلَوْلاَ رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ وَمَآ أَنتَ عَلَيْنَا بِعَزِيزٍ
٩١
قَالَ يٰقَوْمِ أَرَهْطِيۤ أَعَزُّ عَلَيْكُم مِّنَ ٱللَّهِ وَٱتَّخَذْتُمُوهُ وَرَآءَكُمْ ظِهْرِيّاً إِنَّ رَبِّي بِمَا تَعْمَلُونَ مُحِيطٌ
٩٢
وَيٰقَوْمِ ٱعْمَلُواْ عَلَىٰ مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَٰمِلٌ سَوْفَ تَعْلَمُونَ مَن يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَمَنْ هُوَ كَٰذِبٌ وَٱرْتَقِبُوۤاْ إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ
٩٣
وَلَمَّا جَآءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا شُعَيْباً وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا وَأَخَذَتِ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ
٩٤
كَأَن لَّمْ يَغْنَوْاْ فِيهَآ أَلاَ بُعْداً لِّمَدْيَنَ كَمَا بَعِدَتْ ثَمُودُ
٩٥
وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَىٰ بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُّبِينٍ
٩٦
إِلَىٰ فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَٱتَّبَعُوۤاْ أَمْرَ فِرْعَوْنَ وَمَآ أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ
٩٧
يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ ٱلنَّارَ وَبِئْسَ ٱلْوِرْدُ ٱلْمَوْرُودُ
٩٨
وَأُتْبِعُواْ فِي هَـٰذِهِ لَعْنَةً وَيَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ بِئْسَ ٱلرِّفْدُ ٱلْمَرْفُودُ
٩٩
-هود

مقاتل بن سليمان

{ قَالُواْ يٰشُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ }، يعني ما نعقل، { كَثِيراً مِّمَّا تَقُولُ } لنا من التوحيد، ومن وفاء الكيل والميزان، { وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفاً }، يعني ذليلاً لا قوة لك ولا حيلة، { وَلَوْلاَ رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ }، يعني عشيرتك وأقرباءك لقتلناك، { وَمَآ أَنتَ عَلَيْنَا }، يعني عندنا { بِعَزِيزٍ } [آية: 91]، يعني بعظيم، مثل قول السحرة: { بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ } [الشعراء: 44]، يعنون بعظمة فرعون، يقولون: أنت علينا هين.
{ قَالَ يٰقَوْمِ أَرَهْطِيۤ أَعَزُّ عَلَيْكُم مِّنَ ٱللَّهِ }، يعني أعظم عندكم من الله عز وجل: { وَٱتَّخَذْتُمُوهُ وَرَآءَكُمْ ظِهْرِيّاً }، يقول: أطعتم قومكم ونبذتم الله وراء ظهوركم، فلم تعظموه، فمن لم يوحده لم يعظمه، { إِنَّ رَبِّي بِمَا تَعْمَلُونَ مُحِيطٌ } [آية: 92]، يعني من نقصان الكيل والميزان، يعني أحاط علمه بأعمالكم.
{ وَيٰقَوْمِ ٱعْمَلُواْ عَلَىٰ مَكَانَتِكُمْ } هذا وعيد، يعني على جديلتكم التي أنتم عليها، { إِنِّي عَامِلٌ سَوْفَ تَعْلَمُونَ }، هذا وعيد، { مَن يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ }، يعني يذله، { وَمَنْ هُوَ كَاذِبٌ } بنزول العذاب بكم أنا أو أنتم، لقولهم: ليس بنازل بنا { وَٱرْتَقِبُوۤاْ إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ } [آية: 93] يعني أنتظروا العذاب، فإنى منتظر بكم العذاب في الدنيا.
{ وَلَمَّا جَآءَ أَمْرُنَا }، يعني قولنا في العذاب، { نَجَّيْنَا شُعَيْباً وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا }، يعني بنعمة منا عليهم، { وَأَخَذَتِ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ الصَّيْحَةُ }، يعني صيحة جبريل، عليه السلام، { فَأَصْبَحُواْ فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ } [آية: 94]، يعني في منازلهم موتى.
{ كَأَن لَّمْ يَغْنَوْاْ فِيهَآ }، يعني كأن لم يكونوا في الدنيا قط، { أَلاَ بُعْداً لِّمَدْيَنَ } في الهلاك، { كَمَا بَعِدَتْ ثَمُودُ } [آية: 95] كما هلكت ثمود؛ لأن كل واحدة، منهما هلكت بالصيحة، فمن ثم اختص ذكر ثمود من بين الأمم.
{ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَىٰ بِآيَاتِنَا }، يعني اليد والعصى، { وَسُلْطَانٍ مُّبِينٍ } [آية: 96].
{ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ }، يعني أشراف قومه، { فَٱتَّبَعُوۤاْ أَمْرَ فِرْعَوْنَ } في المؤمن حين قال:
{ مَآ أُرِيكُمْ إِلاَّ مَآ أَرَىٰ } [غافر: 29]، فأطاعوا فرعون في قوله، يقول الله عز وجل: { وَمَآ أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ } [آية: 97] لهم، يعني بهدى.
{ يَقْدُمُ قَوْمَهُ } القبط { يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ }، يعني فرعون قائدهم إلى النار، ويتبعونه كما يتبعونه في الدنيا، { فَأَوْرَدَهُمُ ٱلنَّارَ } فأدخلهم، { وَبِئْسَ ٱلْوِرْدُ ٱلْمَوْرُودُ } [آية: 98] المدخل المدخول.
{ وَأُتْبِعُواْ فِي هَـٰذِهِ لَعْنَةً }، يعني العذاب، وهو الغرق، { وَيَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ } لعنة أخرى في النار، { بِئْسَ ٱلرِّفْدُ ٱلْمَرْفُودُ } [آية: 99]، فكأن اللعنتين أردفت إحداهما الأخرى.