خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

ٱللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنثَىٰ وَمَا تَغِيضُ ٱلأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِندَهُ بِمِقْدَارٍ
٨
عَالِمُ ٱلْغَيْبِ وَٱلشَّهَادَةِ ٱلْكَبِيرُ ٱلْمُتَعَالِ
٩
سَوَآءٌ مِّنْكُمْ مَّنْ أَسَرَّ ٱلْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِٱلَّيلِ وَسَارِبٌ بِٱلنَّهَارِ
١٠
لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ ٱللَّهِ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ ٱللَّهُ بِقَوْمٍ سُوۤءًا فَلاَ مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ
١١
-الرعد

مقاتل بن سليمان

{ ٱللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنثَىٰ } من ذكر وأنثى، كقوله في لقمان، { وَيَعْلَمُ مَا فِي ٱلأَرْحَامِ } [لقمان: 34] سوياً أو غير سوي، ذكراً أو أنثى، ثم قال: { وَمَا تَغِيضُ }، يعني وما تنقص { ٱلأَرْحَامُ }، كقوله: { وَغِيضَ الْمَاء } [هود: 44]، يعني ونقص الماء، يعني وما تنقص الأرحام من الأشهر التسعة، { وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَيْءٍ } من تمام الولد والزيادة في بطن أمه، { عِندَهُ بِمِقْدَارٍ } [آية: 8]، يعني قدر خروج الولد من بطن أمه، وقدر مكنه في بطنها إلى خروجه، فإنه يعلم ذلك كله.
ثم قال: { عَالِمُ ٱلْغَيْبِ }، يعني غيب الولد في بطن أمه، ويعلم غيب كل شىء، { وَٱلشَّهَادَةِ }، يعني شاهد الولد وغيره، يقول الله: إذا علمت هذا، فأنا { ٱلْكَبِيرُ ٱلْمُتَعَالِ } [آية: 9]، يعني العظيم، لا أعظم منه، الرفيع فوق خلقه.
{ سَوَآءٌ مِّنْكُمْ مَّنْ أَسَرَّ } عند الله، { ٱلْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ }، يعني بالقول، { وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِٱلْلَّيْلِ وَسَارِبٌ بِٱلنَّهَارِ } [آية: 10]، يقول: من هو مستخف بالمعصية في ظلمة الليل، ومنتشر بتلك المعصية بالنهار معلن بها، فعلم ذلك كله عند الله تعالى سواء.
ثم قال لهذا الإنسان المستخفي بالليل، السارب بالنهار مع علمي بعمله { لَهُ مُعَقِّبَاتٌ } من الملائكة، { مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ ٱللَّهِ }، يعني بأمر الله من الإنس والجن مما لم يقدر أن يصيبه حتى تسلمه المقادير، فإذا أراد الله أن يغير ما به لم تغن عنه المعقبات شيئاً، ثم قال: { إِنَّ اللَّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ } من النعمة، { حَتَّىٰ يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ }، يعني كفار مكة، نظيرها من الأنفال:
{ ذٰلِكَ بِأَنَّ ٱللَّهَ... } [الأنفال: 53] إلى آخر الآية.
والنعمة أنه بعث فيهم رسولاً من أنفسهم، وأطعمهم من جوع، وآمنهم من خوف، فغيروا هذه النعمة، فغير الله ما بهم، فذلك قوله: { وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوۤءًا }، يعني بالسوء العذاب، { فَلاَ مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ } [آية: 11]، يعني ولي يرد عنهم العذاب.