خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

قُلِ ٱدْعُواْ ٱلَّذِينَ زَعَمْتُم مِّن دُونِهِ فَلاَ يَمْلِكُونَ كَشْفَ ٱلضُّرِّ عَنْكُمْ وَلاَ تَحْوِيلاً
٥٦
أُولَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَىٰ رَبِّهِمُ ٱلْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُوراً
٥٧
وَإِن مِّن قَرْيَةٍ إِلاَّ نَحْنُ مُهْلِكُوهَا قَبْلَ يَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ أَوْ مُعَذِّبُوهَا عَذَاباً شَدِيداً كَانَ ذٰلِك فِي ٱلْكِتَابِ مَسْطُوراً
٥٨
-الإسراء

مقاتل بن سليمان

{ قُلِ } لكفار مكة: { ٱدْعُواْ ٱلَّذِينَ زَعَمْتُم } أنهم آلهة { مِّن دُونِهِ }، من دون الله يعني الملائكة، فليكشفوا الضر عنكم، يعني الجوع سبع سنين إذا نزل بكم، ثم أخبر عن الملائكة الذين عبدوهم، فقال سبحانه: { فَلاَ يَمْلِكُونَ }، يعني لا يقدرون على { كَشْفَ ٱلضُّرِّ عَنْكُمْ }، يعني الجوع الذي أصابهم بمكة سبع سنين حتى أكلوا الميتة، والكلاب، والجيف، فيرفعونه عنكم، { وَلاَ تَحْوِيلاً } [آية: 56]، يقول: ولا تقدر الملائكة على تحويل هذا الضر عنكم إلى غيره، فكيف تعبدونهم، مثلها في سورة سبأ: { قُلِ ٱدْعُواْ ٱلَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِّن دُونِ ٱللَّهِ لاَ يَمْلِكُونَ مِثُقَالَ ذَرَّةٍ } [سبأ: 22]، يعني أصغر النمل التي لا تكاد أن ترى من الصغر، وهى النملة الحمراء.
ثم قال يعظهم: { أُولَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ يَدْعُونَ }، يقول: أولئك الملائكة الذين تعدونهم، { يَبْتَغُونَ إِلَىٰ رَبِّهِمُ ٱلْوَسِيلَةَ }، يعني الزلفة، وهي القربة بطاعتهم، { أَيُّهُمْ أَقْرَبُ } إلى الله درجة، مثل قوله سبحانه:
{ وَٱبْتَغُوۤاْ إِلَيهِ ٱلْوَسِيلَةَ } [المائدة: 35]، يعني القربة إلى الله عز وجل، { وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ }، يعني جنته، نظيرها في البقرة: { أُوْلۤـٰئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَةَ ٱللَّهِ } [البقرة: 218]، يعني جنة الله عز وجل: { وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ }، يعني الملائكة، { إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُوراً } [آية: 57]، يقول: يحذره الخائفون له، فابتغوا إليه الزلفة كما تبتغى الملائكة وخافوا أنتم عذابه كما يخافون، وارجوا أنتم رحمته كما يرجون: فـ { إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُوراً }.
{ وَإِن مِّن قَرْيَةٍ }، يقول: وما من قرية طالحة أو صالحة، { إِلاَّ نَحْنُ مُهْلِكُوهَا قَبْلَ يَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ أَوْ مُعَذِّبُوهَا عَذَاباً شَدِيداً }، فأما الصالحة، فهلاكها بالموت، وأما الطالحة، فيأخذها العذاب في الدنيا، { كَانَ ذٰلِك }، يعني هلاك الصالحة بالموت، وعذاب الطالحة في الدنيا، { فِي ٱلْكِتَابِ مَسْطُوراً } [آية: 58]، يعني في أم الكتاب مكتوباً، يعني اللوح المحفوظ، فتموت أو ينزل بها ذلك.