خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّآ
٢
إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ نِدَآءً خَفِيّاً
٣
قَالَ رَبِّ إِنَّي وَهَنَ ٱلْعَظْمُ مِنِّي وَٱشْتَعَلَ ٱلرَّأْسُ شَيْباً وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَآئِكَ رَبِّ شَقِيّاً
٤
وَإِنِّي خِفْتُ ٱلْمَوَالِيَ مِن وَرَآءِى وَكَانَتِ ٱمْرَأَتِي عَاقِراً فَهَبْ لِي مِن لَّدُنْكَ وَلِيّاً
٥
يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَٱجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيّاً
٦
يٰزَكَرِيَّآ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلاَمٍ ٱسْمُهُ يَحْيَىٰ لَمْ نَجْعَل لَّهُ مِن قَبْلُ سَمِيّاً
٧
قَالَ رَبِّ أَنَّىٰ يَكُونُ لِي غُلاَمٌ وَكَانَتِ ٱمْرَأَتِي عَاقِراً وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ ٱلْكِبَرِ عِتِيّاً
٨
قَالَ كَذٰلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِن قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئاً
٩
-مريم

مقاتل بن سليمان

ثم قال سبحانه: { ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبِّكَ }، يعني نعمة ربك يا محمد، { عَبْدَهُ زَكَرِيَّآ } [آية: 2] ابن برخيا، وذلك أن الله تعالى ذكر عبده زكريا بالرحمة.
{ إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ نِدَآءً خَفِيّاً } [آية: 3]، يقول: إذ دعا ربه دعاء سراً، وإنما دعا ربه عز وجل سراً؛ لئلا يقول الناس: انظروا إلى هذا الشيخ الكبير، يسأل الولد على كبره.
{ قَالَ رَبِّ إِنَّي وَهَنَ ٱلْعَظْمُ مِنِّي }، يعني ضعف العظم منى، { وَٱشْتَعَلَ ٱلرَّأْسُ شَيْباً }، يعني بياضاً، { وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَآئِكَ رَبِّ شَقِيّاً } [آية: 4]، يعني خائباً فيما خلا، كنت تستجيب لي، فلا تخيبني في دعائي إياك بالولد.
{ وَإِنِّي خِفْتُ ٱلْمَوَالِيَ مِن وَرَآئِي وَكَانَتِ ٱمْرَأَتِي عَاقِراً }، يقول: خفت الكلالة، وهم العصبة من بعد موتي أن يرثوا مالي، { فَهَبْ لِي مِن لَّدُنْكَ وَلِيّاً } [آية: 5]، يعني من عندك ولداً.
{ يَرِثُنِي }، يرث مالي، { وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ } ابن ماثان علمهم، ورياستهم في الأحبار، وكان يعقوب وعمران أبو مريم أخوين ابنا ماثان، ومريم ابنة عمران بن ماثان، { وَٱجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيّاً } [آية: 6]، يعني صالحاً.
فاستجاب الله عز وجل لزكريا في الولد، فأتاه جبريل وهو يصلي، فقال: { يٰزَكَرِيَّآ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلاَمٍ ٱسْمُهُ يَحْيَىٰ لَمْ نَجْعَل لَّهُ مِن قَبْلُ سَمِيّاً } [آية: 7]، لم يكن أحد من الناس فيما خلا يسمى يحيى، وإنما سماه يحيى؛ لأنه أحياه من بين شيخ كبير وعجوز عاقر.
فلما بشر ميتين بالولد، { قَالَ رَبِّ أَنَّىٰ يَكُونُ لِي غُلاَمٌ }، يعني من أين يكون لي غلام؟ { وَكَانَتِ ٱمْرَأَتِي عَاقِراً }، أيشفع لا تلد، { وَقَدْ بَلَغْتُ } أنا { مِنَ ٱلْكِبَرِ عِتِيّاً } [آية: 8]، يعني بؤساً، وكان زكريا يومئذ ابن خمس وسبعين سنة.
{ قَالَ } له جبريل، عليه السلام: { كَذٰلِكَ }، يعني هكذا، { قَالَ رَبُّكَ } إنه ليكون لك غلام، { هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِن قَبْلُ } أن تسألني الولد، { وَلَمْ تَكُ شَيْئاً } [آية: 9].