{ قَالُواْ } يا موسى، { ٱدْعُ لَنَا رَبَّكَ }، أى سل لنا ربك { يُبَيِّنَ لَّنَا مَا هِيَ قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ }، إن ربكم يقول: { إِنَّهَا بَقَرَةٌ لاَّ فَارِضٌ وَلاَ بِكْرٌ }، يعنى ليست بكبيرة ولا بكر، أى شابة، { عَوَانٌ بَيْنَ ذٰلِكَ }، يعنى بالعوان بين الكبيرة والشابة، { فَٱفْعَلُواْ مَا تُؤْمَرونَ } [آية: 68]، فانطلقوا ثم رجعوا إلى موسى، { قَالُواْ ٱدْعُ لَنَا رَبَّكَ }، أى سل ربك { يُبَيِّن لَّنَا مَا لَوْنُهَا قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَآءُ فَاقِـعٌ لَّوْنُهَا }، يعنى صافية اللون نقية { تَسُرُّ }، يعنى تعجب { ٱلنَّاظِرِينَ } [آية: 69]، يعنى من رآها، فشددوا على أنفسهم، فشدد الله عليهم، قال النبى صلى الله عليه وسلم: "إنما أمروا ببقرة، ولو عمدوا إلى أدنى بقرة لأجزأت عنهم، والذى نفس محمد بيده، لو لم يستثنوا ما بينت لهم آخر الأبد" .
فانطلقوا ثم رجعوا { قَالُواْ ٱدْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا هِيَ إِنَّ ٱلبَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا } تشكل { وَإِنَّآ إِن شَآءَ ٱللَّهُ لَمُهْتَدُونَ } [آية: 70]، لو لم يستثنوا لم يهتدوا لها أبداً، فعند ذلك هموا أن يفعلوا ما أمروا، ولو أنهم عمدوا إلى الصفة الأولى فذبحوها لأجزأت عنهم.
{ قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ }، أى قال موسى: إن الله يقول: { إِنَّهَا بَقَرَةٌ لاَّ ذَلُولٌ تُثِيرُ ٱلأَرْضَ }، يقول: ليست بالذلول التى يعمل عليها فى الحرث، { وَلاَ تَسْقِي ٱلْحَرْثَ }، يقول: ليست بالذلول التى يسقي عليها بالسواقي الماء للحرث، { مُسَلَّمَةٌ }، يعنى صحيحة { لاَّ شِيَةَ فِيهَا }، يقول: لا وضح فيها، يقول: ليس فيها سواد ولا بياض، ولا حمرة، { قَالُواْ ٱلآنَ } يا موسى { جِئْتَ بِٱلْحَقِّ }، يقول: الأن بينت لنا الحق، فانطلقوا حتى وجدوها عند امرأة اسمها نوريا بنت رام، فاستاموا بها، فقالوا لموسى: إنها لا تباع إلا بملء مسكها ذهباً، قال موسى: لا تظلموا، انطلقوا اشتروها بما عز وهان، فاشتروها بملء مسكها ذهباً، { فَذَبَحُوهَا }، فقالوا لموسى: قد ذبحناها، قال: خذوا منها عضواً فاضربوا به القتيل، فضربوا القتيل بفخذ البقرة اليمنى، فقام القتيل وأوداجه تشخب دماً، فقال: قتلنى فلان وفلان، يعنى ابنى عمه، ثم وقع ميتاً، فأخذا فقتلا، فذلك قوله سبحانه { فَذَبَحُوهَا }{ وَمَا كَادُواْ يَفْعَلُونَ } [آية: 71].