خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

إِذْ أَوْحَيْنَآ إِلَىٰ أُمِّكَ مَا يُوحَىٰ
٣٨
أَنِ ٱقْذِفِيهِ فِي ٱلتَّابُوتِ فَٱقْذِفِيهِ فِي ٱلْيَمِّ فَلْيُلْقِهِ ٱلْيَمُّ بِٱلسَّاحِلِ يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِّي وَعَدُوٌّ لَّهُ وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِّنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَىٰ عَيْنِيۤ
٣٩
إِذْ تَمْشِيۤ أُخْتُكَ فَتَقُولُ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَىٰ مَن يَكْفُلُهُ فَرَجَعْنَاكَ إِلَىٰ أُمِّكَ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُها وَلاَ تَحْزَنَ وَقَتَلْتَ نَفْساً فَنَجَّيْنَاكَ مِنَ ٱلْغَمِّ وَفَتَنَّاكَ فُتُوناً فَلَبِثْتَ سِنِينَ فِيۤ أَهْلِ مَدْيَنَ ثُمَّ جِئْتَ عَلَىٰ قَدَرٍ يٰمُوسَىٰ
٤٠
وَٱصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي
٤١
ٱذْهَبْ أَنتَ وَأَخُوكَ بِآيَاتِي وَلاَ تَنِيَا فِي ذِكْرِي
٤٢
ٱذْهَبَآ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَىٰ
٤٣
فَقُولاَ لَهُ قَوْلاً لَّيِّناً لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَىٰ
٤٤
قَالاَ رَبَّنَآ إِنَّنَا نَخَافُ أَن يَفْرُطَ عَلَيْنَآ أَوْ أَن يَطْغَىٰ
٤٥
قَالَ لاَ تَخَافَآ إِنَّنِي مَعَكُمَآ أَسْمَعُ وَأَرَىٰ
٤٦
فَأْتِيَاهُ فَقُولاۤ إِنَّا رَسُولاَ رَبِّكَ فَأَرْسِلْ مَعَنَا بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ وَلاَ تُعَذِّبْهُمْ قَدْ جِئْنَاكَ بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكَ وَٱلسَّلاَمُ عَلَىٰ مَنِ ٱتَّبَعَ ٱلْهُدَىٰ
٤٧
-طه

مقاتل بن سليمان

ثم بين النعمة، فقال سبحانه: { إِذْ أَوْحَيْنَآ إِلَىٰ أُمِّكَ مَا يُوحَىٰ } [آية: 38]، واسمها يوخاند.
{ أَنِ ٱقْذِفِيهِ } أن اجعليه { فِي ٱلتَّابُوتِ } والمؤمن الذى صنع التابوت اسمه خربيل بن صابوث { فَٱقْذِفِيهِ فِي ٱلْيَمِّ } يعنى فى نهر مصير، وهو النيل { فَلْيُلْقِهِ ٱلْيَمُّ بِٱلسَّاحِلِ } على شاطىء البحر { يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِّي وَعَدُوٌّ لَّهُ } يعنى فرعون عدو الله، عز وجل، وعدو لموسى، عليه السلام { وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِّنِّي } فألقى الله، عز وجل، على موسى، عليه السلام، المحبة فأحبوه حين رأوه فهذه النعمة الأخرى { وَلِتُصْنَعَ عَلَىٰ عَيْنِيۤ } [آية: 39] حين قذف التابوت فى البحر، وحين التقط، وحين غذى، فكل ذلك بعين الله عز وجل، فلما التقطه جعل موسى لا يقبل ثدى امرأة.
{ إِذْ تَمْشِيۤ أُخْتُكَ } مريم { فَتَقُولُ } لآل فرعون: { هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَىٰ مَن يَكْفُلُهُ } يعنى على من يضمه ويرضعه لكم، فقالوا: نعم، فذهبت أخته فجاءت بالأم فقبل ثديها، فذلك قوله سبحانه: { فَرَجَعْنَاكَ إِلَىٰ أُمِّكَ } يعنى { كَيْ تَقَرَّ عَيْنُها وَلاَ تَحْزَنَ } عليك { وَقَتَلْتَ } حين بلغ أشده ثمانى عشرة سنة { نَفْساً } بمصر { فَنَجَّيْنَاكَ مِنَ ٱلْغَمِّ } يعنى من القتل، وكان مغموماً مخافة أن يقتل مكان القتيل { وَفَتَنَّاكَ فُتُوناً } يعنى ابتليناك ببلاء على أثر بلاء، يعنى بالبلاء النقم منذ يوم ولد إلى أن بعثه الله، عز وجل، رسولاً، { فَلَبِثْتَ سِنِينَ } يعنى عشر سنين { فِيۤ أَهْلِ مَدْيَنَ } حين كان مع شعيب، عليهما السلام { ثُمَّ جِئْتَ عَلَىٰ قَدَرٍ } يعنى ميقات { يٰمُوسَىٰ } [آية: 40].
{ وَٱصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي } [آية: 41] وهو ابن أربعين سنة، يقول: واخترتك لنفسى رسولاً { ٱذْهَبْ أَنتَ وَأَخُوكَ } هارون { بِآيَاتِي } يعنى اليد والعصا، وهارون يومئذ غائب بمصر، فالتقيا موسى وهارون، عليهما السلام، من قبل أن يصلا إلى فرعون، { وَلاَ تَنِيَا فِي ذِكْرِي } [آية: 42] يقول: ولا تضعفا فى أمرى، فى قراءة ابن مسعود: "ولا تهنا فى ذكرى فى البلاغ إلى فرعون" يجرئهما على فرعون.
{ ٱذْهَبَآ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَىٰ } [آية: 43] يقول: عصى الله، عز وجل، أربعمائة سنة { فَقُولاَ لَهُ قَوْلاً لَّيِّناً } يقول: ادعواه الكنية، يعنى بالقول اللين، هل لك إلى أن تزكى، وأهديك إلى ربك فتخشى { لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَىٰ } [آية: 44].
{ قَالاَ رَبَّنَآ إِنَّنَا نَخَافُ أَن يَفْرُطَ عَلَيْنَآ } يعنى أن يعجل علينا بالقتل { أَوْ أَن يَطْغَىٰ } [آية: 45] يعنى يستعصى.
{ قَالَ لاَ تَخَافَآ } القتل { إِنَّنِي مَعَكُمَآ } فى الدفع عنكما، فذلك قوله سبحانه:
{ فَلاَ يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا } [القصص: 35] ثم قال: { أَسْمَعُ } جواب فرعون { وَأََرَىٰ } [آية: 46] يقول: وأعلم ما يقول، كقوله: { ... لِتَحْكُمَ بَيْنَ ٱلنَّاسِ بِمَآ أَرَاكَ ٱللَّهُ... } يعنى بما أعلمك الله، عز وجل.
{ فَأْتِيَاهُ فَقُولاۤ إِنَّا رَسُولاَ رَبِّكَ } فانقطع كلام الله عز وجل لموسى، عليه السلام، فلما أتيا فرعون، قال موسى لفرعون: { فَأَرْسِلْ مَعَنَا بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ وَلاَ تُعَذِّبْهُمْ } يقول: ولا تسعبدهم بالعمل، يعنى بقوله: معنا، يعنى نفسه وأخاه { قَدْ جِئْنَاكَ بِآيَةٍ } يعني بعلامة { مِّن رَّبِّكَ } وهي اليد والعصا { وَٱلسَّلاَمُ عَلَىٰ مَنِ ٱتَّبَعَ ٱلْهُدَىٰ } [آية: 47] يقول: والسلام على من آمن بالله، عز وجل.