خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

إِنَّا قَدْ أُوحِيَ إِلَيْنَآ أَنَّ ٱلْعَذَابَ عَلَىٰ مَن كَذَّبَ وَتَوَلَّىٰ
٤٨
قَالَ فَمَن رَّبُّكُمَا يٰمُوسَىٰ
٤٩
قَالَ رَبُّنَا ٱلَّذِيۤ أَعْطَىٰ كُلَّ شَيءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَىٰ
٥٠
قَالَ فَمَا بَالُ ٱلْقُرُونِ ٱلأُولَىٰ
٥١
قَالَ عِلْمُهَا عِندَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لاَّ يَضِلُّ رَبِّي وَلاَ يَنسَى
٥٢
ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱلأَرْضَ مَهْداً وَسَلَكَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلاً وَأَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِّن نَّبَاتٍ شَتَّىٰ
٥٣
كُلُواْ وَٱرْعَوْا أَنْعَامَكُمْ إِنَّ فِي ذٰلِكَ لآيَاتٍ لأُوْلِي ٱلنُّهَىٰ
٥٤
مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَىٰ
٥٥
وَلَقَدْ أَرَيْنَاهُ آيَاتِنَا كُلَّهَا فَكَذَّبَ وَأَبَىٰ
٥٦
قَالَ أَجِئْتَنَا لِتُخْرِجَنَا مِنْ أَرْضِنَا بِسِحْرِكَ يٰمُوسَىٰ
٥٧
فَلَنَأْتِيَنَّكَ بِسِحْرٍ مِّثْلِهِ فَٱجْعَلْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ مَوْعِداً لاَّ نُخْلِفُهُ نَحْنُ وَلاَ أَنتَ مَكَاناً سُوًى
٥٨
قَالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ ٱلزِّينَةِ وَأَن يُحْشَرَ ٱلنَّاسُ ضُحًى
٥٩
-طه

مقاتل بن سليمان

{ إِنَّا قَدْ أُوحِيَ إِلَيْنَآ أَنَّ ٱلْعَذَابَ } فى الآخرة، { عَلَىٰ مَن كَذَّبَ } بتوحيد الله، عز وجل { وَتَوَلَّىٰ } [آية: 48] يعنى وأعرض عنه.
{ قَالَ } فرعون: { فَمَن رَّبُّكُمَا يٰمُوسَىٰ } [آية: 49] { قَالَ رَبُّنَا ٱلَّذِيۤ أَعْطَىٰ كُلَّ شَيءٍ } من الدواب { خَلْقَهُ } يعنى صورته التى تصلح له { ثُمَّ هَدَىٰ } [آية: 50] يقول: هداه إلى معيشته ومرعاه، فمنها ما يأكل الحب، ومنها ما يأكل اللحم.
{ قَالَ } فرعون: يا موسى { فَمَا بَالُ ٱلْقُرُونِ ٱلأُولَىٰ } [آية: 51] يقول: مؤمن آل فرعون فى حم المؤمن:
{ يٰقَوْمِ إِنِّيۤ أَخَافُ عَلَيْكُمْ مِّثْلَ يَوْمِ ٱلأَحْزَابِ مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَٱلَّذِينَ مِن بَعْدِهِمْ } [غافر: 30، 31] فى الهلاك، فلما سمع ذلك فرعون من المؤمن، قال لموسى: { فَمَا بَالُ ٱلْقُرُونِ ٱلأُولَىٰ } فلم يعلم موسى ما أمرهم؟ لأن التوراة إنما أزلت على موسى، عليه السلام، بعد هلاك فرعون وقومه.
فمن ثم رد عليه موسى: فـ{ قَالَ عِلْمُهَا عِندَ رَبِّي فِي كِتَابٍ } يعنى اللوح المحفوظ { لاَّ يَضِلُّ رَبِّي } يعنى لا يخطئ ذلك الكتاب ربى { وَلاَ يَنسَى } [آية: 52] ما فيه، فلما أنزل الله، عز وجل، عليه التوراة أعلمه، وبين له فيها القرون، الأولى.
ثم ذكر موسى، عليه السلام، صنع الله، عز وجل، ليعتبر به فرعون، فقال: { ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱلأَرْضَ مَهْداً } يعنى فراشاً { وَسَلَكَ لَكُمْ } يعنى وجعل لكم { فِيهَا سُبُلاً } يعنى طرقاً فى الأرض { وَأَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ } يعنى بالمطر { أَزْوَاجاً مِّن نَّبَاتٍ شَتَّىٰ } [آية: 53] من الأرض يعنى مختلفاً من كل لون من النبت منها للدواب، ومنها للناس.
{ كُلُواْ وَٱرْعَوْا أَنْعَامَكُمْ إِنَّ فِي ذٰلِكَ } يعنى فيما ذكر من هذه الآية { لآيَاتٍ } يعنى لعبرة { لأُوْلِي ٱلنُّهَىٰ } [آية: 54] يعنى لذوى العقول فى توحيد الله، عز وجل، هذا قول موسى، عليه السلام، لفرعون.
ثم قال الله عز وجل: { مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ } يعنى أول مرة خلقكم من الأرض، من التراب الذى ذكر فى هذه الآية التى قبلها { وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ } إذا متم { وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ } يوم القيامة أحياء بعد الموت { تَارَةً أُخْرَىٰ } [آية: 55] يعنى مرة أخرى.
{ وَلَقَدْ أَرَيْنَاهُ آيَاتِنَا كُلَّهَا } يعنى فرعون، الآيات السبع: الطوفان، والجراد، والقمل، والضفادع، والدم، والطمس، والسنين، والعصا، واليد، { فَكَذَّبَ } بها، بأنها ليست من الله، عز وجل، { وَأَبَىٰ } [آية: 56] أن يصدق بها، وزعم أنها سحر.
{ قَالَ } فرعون لموسى: { أَجِئْتَنَا لِتُخْرِجَنَا مِنْ أَرْضِنَا بِسِحْرِكَ يٰمُوسَىٰ } [آية: 57] اليد والعصا { فَلَنَأْتِيَنَّكَ بِسِحْرٍ مِّثْلِهِ } يعنى بمثل سحرك { فَٱجْعَلْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ مَوْعِداً } يعنى وقتاً { لاَّ نُخْلِفُهُ نَحْنُ وَلاَ أَنتَ مَكَاناً سُوًى } [آية: 58] يعنى ميقاتاً، يعنى عدلاً كقوله سبحانه:
{ أَصْحَابُ ٱلصِّرَاطِ ٱلسَّوِيِّ } [طه: 135] يعنى العدل.
{ قَالَ } موسى لفرعون: { مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ ٱلزِّينَةِ } يعنى يوم عيد لهم فى كل سنة واحد، وهو يوم النيروز { وَأَن يُحْشَرَ ٱلنَّاسُ ضُحًى } [آية: 59] يعنى نهاراً فى اليوم الذى فيه العيد، مثل قوله:
{ بَأْسُنَا ضُحًى } [الأعراف: 98] يعنى نهاراً، وبعث فرعون شرطة فحشرهم للميعاد.