خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

فَتَوَلَّىٰ فِرْعَوْنُ فَجَمَعَ كَيْدَهُ ثُمَّ أَتَىٰ
٦٠
قَالَ لَهُمْ مُّوسَىٰ وَيْلَكُمْ لاَ تَفْتَرُواْ عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً فَيُسْحِتَكُم بِعَذَابٍ وَقَدْ خَابَ مَنِ ٱفْتَرَىٰ
٦١
فَتَنَازَعُوۤاْ أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ وَأَسَرُّواْ ٱلنَّجْوَىٰ
٦٢
قَالُوۤاْ إِنْ هَـٰذَانِ لَسَاحِرَانِ يُرِيدَانِ أَن يُخْرِجَاكُمْ مِّنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِمَا وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ ٱلْمُثْلَىٰ
٦٣
فَأَجْمِعُواْ كَيْدَكُمْ ثُمَّ ٱئْتُواْ صَفّاً وَقَدْ أَفْلَحَ ٱلْيَوْمَ مَنِ ٱسْتَعْلَىٰ
٦٤
قَالُواْ يٰمُوسَىٰ إِمَّآ أَن تُلْقِيَ وَإِمَّآ أَن نَّكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَىٰ
٦٥
قَالَ بَلْ أَلْقُواْ فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِن سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَىٰ
٦٦
فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُّوسَىٰ
٦٧
قُلْنَا لاَ تَخَفْ إِنَّكَ أَنتَ ٱلأَعْلَىٰ
٦٨
وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوۤاْ إِنَّمَا صَنَعُواْ كَيْدُ سَاحِرٍ وَلاَ يُفْلِحُ ٱلسَّاحِرُ حَيْثُ أَتَىٰ
٦٩
فَأُلْقِيَ ٱلسَّحَرَةُ سُجَّداً قَالُوۤاْ آمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَىٰ
٧٠
قَالَ آمَنتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ ءَاذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ ٱلَّذِي عَلَّمَكُمُ ٱلسِّحْرَ فَلأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِّنْ خِلاَفٍ وَلأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ ٱلنَّخْلِ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَآ أَشَدُّ عَذَاباً وَأَبْقَىٰ
٧١
قَالُواْ لَن نُّؤْثِرَكَ عَلَىٰ مَا جَآءَنَا مِنَ ٱلْبَيِّنَاتِ وَٱلَّذِي فَطَرَنَا فَٱقْضِ مَآ أَنتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَـٰذِهِ ٱلْحَيَاةَ ٱلدُّنْيَآ
٧٢
إِنَّآ آمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَآ أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ ٱلسِّحْرِ وَٱللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ
٧٣
-طه

مقاتل بن سليمان

{ فَتَوَلَّىٰ فِرْعَوْنُ } يقول: أعرض فرعون عن الحق الذى دعى إليه { فَجَمَعَ كَيْدَهُ } يعنى سحرته { ثُمَّ أَتَىٰ } [آية: 60]{ قَالَ لَهُمْ مُّوسَىٰ وَيْلَكُمْ لاَ تَفْتَرُواْ عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً } لقولهم: إن اليد والعصا ليستا من الله، عز وجل، { وإنها سحر { فَيُسْحِتَكُم } يعنى فهلككم جميعاً { بِعَذَابٍ وَقَدْ خَابَ } يعنى وقد خسر { مَنِ ٱفْتَرَىٰ } [آية: 61] وقال الكذب على الله عز وجل.
{ فَتَنَازَعُوۤاْ أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ } يعنى اختلفوا فى قولهم بينهم نظيرها فى الكهف:
{ إِذْ يَتَنَازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ } [الكهف: 21]، { وَأَسَرُّواْ ٱلنَّجْوَىٰ } [آية: 62] من موسى وهارون، عليهما السلام.
فنجواهم أن { قَالُوۤاْ إِنْ هَـٰذَانِ لَسَاحِرَانِ يُرِيدَانِ أَن يُخْرِجَاكُمْ مِّنْ أَرْضِكُمْ } يعنى أرض مصر { بِسِحْرِهِمَا وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ ٱلْمُثْلَىٰ } [آية: 63] يقول: يغلبانكم على الرجال والأمثال، جمع أمثل، وهو الممتاز من الرجال، من أهل العقول والشرف، فيتبعون موسى وهارون، ويتركون فرعون.
{ فَأَجْمِعُواْ كَيْدَكُمْ } يعنى سحركم، هذا قول فرعون لوجوه سحرة قومه { ثُمَّ ٱئْتُواْ صَفّاً } يعنى جميعاً { وَقَدْ أَفْلَحَ } يعنى وقد سعد { ٱلْيَوْمَ مَنِ ٱسْتَعْلَىٰ } [آية: 64] يعنى من غلب.
{ قَالُواْ يٰمُوسَىٰ إِمَّآ أَن تُلْقِيَ } عصاك من يدك { وَإِمَّآ أَن نَّكُونَ } نحن { أَوَّلَ مَنْ أَلْقَىٰ } [آية: 65].
{ قَالَ بَلْ أَلْقُواْ } فلما ألقوا { فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ } يعنى إلى موسى { مِن سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَىٰ } [آية: 66] وكانت حبالاً وهى لا تتحرك.
{ فَأَوْجَسَ } يعنى فوقع { فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُّوسَىٰ } [آية: 67] يعنى خاف موسى إن صنع القوم مثل صنعه أن يشكوا فيه فلا يتبعوه، ويشك فيه من تابعه { قُلْنَا لاَ تَخَفْ إِنَّكَ أَنتَ ٱلأَعْلَىٰ } [آية: 68] يعنى الغالب نظيرها
{ وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ } [آل عمران: 139، محمد: 35] الغالبون، هذا قول جبريل لموسى، عليه السلام، عن أمر ربه، عز وجل، وهو على يمينه تلك الساعة.
{ وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ } يعنى عصاه، ففعل، فإذا هى حية { تَلْقَفْ } يقول: تلقم { مَا صَنَعُوۤاْ } من السحر حتى تلقمت الحبال والعصى { إِنَّمَا صَنَعُواْ كَيْدُ سَاحِرٍ } يقول: إن الذى عملوا هو عمل ساحر، يعنى كبيرهم، وما صنع موسى فليس بسحر { وَلاَ يُفْلِحُ ٱلسَّاحِرُ حَيْثُ أَتَىٰ } [آية: 69] أينما كان الساحر فلا يفلح.
{ فَأُلْقِيَ ٱلسَّحَرَةُ سُجَّداً } لله تبارك وتعالى، وكانوا ثلاثة وسبعين ساحراً أكبرهم اسمه شمعون، فلما التقمت الحبال والعصى ألقاهم الله، عز وجل، على وجوههم سجداً { قَالُوۤاْ آمَنَّا } يعنى صدقنا { بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَىٰ } [آية: 70].
{ قَالَ } فرعون: { آمَنتُمْ لَهُ } يعنى صدقتم لموسى { قَبْلَ أَنْ ءَاذَنَ لَكُمْ } يقول: قبل أن آمركم بالإيمان لموسى { إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ } يعنى لعظيمكم فى السحر، هو { ٱلَّذِي عَلَّمَكُمُ ٱلسِّحْرَ فَلأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِّنْ خِلاَفٍ } يعنى اليد اليمنى والرجل اليسرى { وَلأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ ٱلنَّخْلِ } مثل قوله تعالى:
{ أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ يَسْتَمِعُونَ فِيهِ... } [الطور: 38] يعنى عليه { وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَآ أَشَدُّ عَذَاباً وَأَبْقَىٰ } [آية: 71] أنا أو ورب موسى وهارون { وَأَبْقَىٰ } وأدوم عذاباً.
{ قَالُواْ } يعنى قالت السحرة: { لَن نُّؤْثِرَكَ } يعن لن نختارك { عَلَىٰ مَا جَآءَنَا مِنَ ٱلْبَيِّنَاتِ } يعنون اليد والعصا { وَ } لا على { وَٱلَّذِي فَطَرَنَا } يعنى خلقنا، يعنون ربهم، عز وجل، الذى خلقهم { فَٱقْضِ } يعنى فاحكم فينا { مَآ أَنتَ قَاضٍ } يعنى حاكم من القطع والصلب { إِنَّمَا تَقْضِي هَـٰذِهِ ٱلْحَيَاةَ ٱلدُّنْيَآ } [آية: 72].
{ إِنَّآ آمَنَّا بِرَبِّنَا } يقول: إنا صدقنا بتوحيد الله، عز وجل، { لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا } يقول: سحرنا { وَ } يغفر لنا { وَمَآ } الذى { أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ } يعنى ما جبرتناعليه { مِنَ ٱلسِّحْرِ وَٱللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ } [آية: 73] يقول الله جل جلاله أفضل منك وأدوم منك يا فرعون، فإنك تموت ويبقى الرب وحده تعالى جده؛ لقول فرعون: { ...أَيُّنَآ أَشَدُّ عَذَاباً وَأَبْقَىٰ } [طه: 71].