خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

قُلِ ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلاَمٌ عَلَىٰ عِبَادِهِ ٱلَّذِينَ ٱصْطَفَىٰ ءَآللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ
٥٩
أَمَّنْ خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ وَأَنزَلَ لَكُمْ مِّنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً فَأَنبَتْنَا بِهِ حَدَآئِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَّا كَانَ لَكُمْ أَن تُنبِتُواْ شَجَرَهَا أَإِلَـٰهٌ مَّعَ ٱللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ
٦٠
أَمَّن جَعَلَ ٱلأَرْضَ قَرَاراً وَجَعَلَ خِلاَلَهَآ أَنْهَاراً وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ ٱلْبَحْرَيْنِ حَاجِزاً أَإِلَـٰهٌ مَّعَ ٱلله بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ
٦١
أَمَّن يُجِيبُ ٱلْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ ٱلسُّوۤءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَآءَ ٱلأَرْضِ أَإِلَـٰهٌ مَّعَ ٱللَّهِ قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ
٦٢
أَمَّن يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ ٱلْبَرِّ وَٱلْبَحْرِ وَمَن يُرْسِلُ ٱلرِّيَاحَ بُشْرَاً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ أَإِلَـٰهٌ مَّعَ ٱللَّهِ تَعَالَى ٱللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ
٦٣
أَمَّن يَبْدَؤُاْ ٱلْخَلْقَ ثُمَّ يُعيدُهُ وَمَن يَرْزُقُكُم مِّنَ ٱلسَّمَآءِ وٱلأَرْضِ أَإِلَـٰهٌ مَّعَ ٱللَّهِ قُلْ هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ
٦٤
-النمل

مقاتل بن سليمان

و{ قُلِ } يا محمد { ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ } في هلاك الأمم الخالية، يعني ما ذكر في هذه السورة من هلاك فرعون وقومه، وثمود وقوم لوط، وقل: الحمد لله الذي علمك هذا الأمر الذي ذكر، ثم قال: { وَسَلاَمٌ عَلَىٰ عِبَادِهِ ٱلَّذِينَ ٱصْطَفَىٰ } يعني الذين اختارهم الله عز وجل لنفسه للرسالة، فسلام الله على الأنبياء، عليهم السلام، ثم قال الله عز وجل: { ءَآللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ } [آية: 59] به، يقول: الله تبارك وتعالى أفضل أم الآلهة التي تعبدونها؟ يعني كفار مكة "كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قرأ هذه الآية، قال: بل، الله خير وأبقى وأجل وأكرم"
{ أَمَّنْ خَلَقَ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضَ وَأَنزَلَ لَكُمْ مِّنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً فَأَنبَتْنَا بِهِ حَدَآئِقَ } يعني حيطان النخل والشجر { ذَاتَ بَهْجَةٍ } يعني ذات حسن { مَّا كَانَ لَكُمْ } يعني ما ينبغي لكم { أَن تُنبِتُواْ شَجَرَهَا } فتجعلوا للآلهة نصيباً مما أخرج الله عز وجل لكم من الأرض بالمطر، ثم قال سبحانه استفهام: { أَإِلَـٰهٌ مَّعَ ٱللَّهِ } يعينه على صنعه جل جلاله، ثم قال تعالى: { بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ } [آية: 60] يعني يشركون، يعني كفار مكة.
ثم قال سبحانه: { أَمَّن جَعَلَ ٱلأَرْضَ قَرَاراً } يعني مستقراً لا تميد بأهلها { وَجَعَلَ خِلاَلَهَآ } يعني فجر نواحي الأرض { أَنْهَاراً } فهى تطرد، { وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ } يعني الجبال، فتثبت بها الأرض لئلا تزول بمن على ظهرها، { وَجَعَلَ بَيْنَ ٱلْبَحْرَيْنِ } الماء المالح والماء العذب { حَاجِزاً } حجز الله عز وجل بينهما بأمره، فلا يختلطان، { أَإِلَـٰهٌ مَّعَ ٱلله } يعينه على صنعه عز وجل: { بَلْ أَكْثَرُهُمْ } يعني لكن أكثرهم، يعني أهل مكة { لاَ يَعْلَمُونَ } [آية: 61] بتوحيد ربهم.
{ أَمَّن يُجِيبُ ٱلْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ ٱلسُّوۤءَ } يعني الضر { وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَآءَ ٱلأَرْضِ أَإِلَـٰهٌ مَّعَ ٱللَّهِ } يعينه على صنعه { قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ } [آية: 62] يقول: ما أقل ما تذكرون { أَمَّن يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ } يقول: أم من يرشدكم في أهوال { ٱلْبَرِّ وَٱلْبَحْرِ وَمَن يُرْسِلُ ٱلرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ } يقول: يبسط السحاب قدام المطر، كقوله في عسق:
{ وَيَنشُرُ رَحْمَتَهُ } [الشورى: 28] يعني ويبسط رحمته بالمطر، { أَإِلَـٰهٌ مَّعَ ٱللَّهِ } يعينه على صنعه عز وجل، ثم قال: { تَعَالَى ٱللَّهُ } يعني ارتفع الله يعظم نفسه جل جلاله { عَمَّا يُشْرِكُونَ } [آية: 63] به من الآلهة.
ثم قال تعالى: { أَمَّن يَبْدَأُ ٱلْخَلْقَ ثُمَّ يُعيدُهُ } يقول: من بدأ الخلق فخلقهم، ولم يكونوا شيئاً، ثم يعيده في الآخرة، { وَمَن يَرْزُقُكُم مِّنَ ٱلسَّمَآءِ } يعني المطر { وٱلأَرْضِ } يعني النبت { أَإِلَـٰهٌ مَّعَ ٱللَّهِ } يعينه على صنعه عز وجل، { قُلْ } لكفار مكة: { هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ } يعني هلموا بحجتكم بأنه صنع شيئاً من هذا غير الله عز وجل من الآلة، فتكون لكم الحجة على الله تعالى: { إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } [آية: 64] بأن مع الله آلهة كما زعمتم، يعني الملائكة.