{يٰعِبَادِيَ ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ} نزلت فى ضعفاء مسلمى أهل مكة إن كنتم فى ضيق بمكة من إظهار الإيمان، فـ{إِنَّ أَرْضِي} يعنى أرض الله بالمدينة {وَاسِعَةٌ} من الضيق {فَإِيَّايَ فَٱعْبُدُونِ} [آية: 56] يعنى فوحدونى بالمدنية علانية.
ثم خوفهم الموت ليهاجروا، فقال تعالى: {كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ ٱلْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ} [آية: 57] فى الآخرة بعد الموت فيجزيكم بأعمالكم.
ثم ذكر المهاجرين، فقال سبحانه: {وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ} يعنى لننزلنهم {مِّنَ ٱلْجَنَّةِ غُرَفَاً تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا} لا يموتون فى الجنة {نِعْمَ أَجْرُ} يعنى جزاء {ٱلْعَامِلِينَ} [آية: 58] لله عز وجل.
ثم نعتهم، فقال عز وجل: {ٱلَّذِينَ صَبَرُواْ} على الهجرة {وَعَلَىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} [آية: 59] يعنى وبالله يثقون فى هجرتهم، وذلك أن أحدهم كان يقول: بمكة أهاجر إلى المدينة وليس لى بها مال، ولا معيشة.
فوعظهم الله ليعتبروا، فقال: {وَكَأَيِّن} يعنى وكم {مِّن دَآبَّةٍ} فى الأرض أو طير {لاَّ تَحْمِلُ} يعنى لا ترفع {رِزْقَهَا} معها {ٱللَّهُ يَرْزُقُهَا} حيث توجهت {وَإِيَّاكُمْ} يعنى يرزقكم إن هاجرتم إلى المدينة {وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْعَلِيمُ} [آية: 60] لقولهم: إنا لا نجد ما ننفق فى المدينة.
ثم قال عز وجل للنبى صلى الله عليه وسلم {وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ} يعنى ولئن سألت كفار مكة {مَّنْ خَلَقَ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضَ وَسَخَّرَ ٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ ٱللَّهُ} وحده خلقهم {فَأَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ} [آية: 61] يعنى عز وجل من أين تكذبون يعنى بتوحيدى.
ثم رجع إلى الذين رغبهم فى الهجرة، والذين قالوا: لا نجد ما ننفق، فقال عز وجل: {ٱللَّهُ يَبْسُطُ} يعنى يوسع {ٱلرِّزْقَ لِمَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ} يعنى ويقتر على من يشاء {إِنَّ ٱللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٍ} [آية: 62] من البسط على من يشاء، والتقتير عليه.
{وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ} يعنى كفار مكة {مَّن نَّزَّلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً} يعنى المطر، {فَأَحْيَا بِهِ ٱلأَرْضَ مِن بَعْدِ مَوْتِهَا لَيَقُولُنَّ ٱللَّهُ} يفعل ذلك { قُلِ ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ} بإقرارهم بذلك {بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ} [آية: 63] بتوحيد ربهم، وهم مقرون بأن الله عز وجل خلق الأشياء كلها وحده.