{ وَمِنْ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ }، يعنى أهل التوراة، { مَنْ إِن تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ }، يعنى عبد الله بن سلام وأصحابه، { وَمِنْهُمْ مَّنْ إِن تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لاَّ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ }، يعنى كفار اليهود، يعنى كعب بن الأشرف وأصحابه، يقول: منهم من يؤدى الأمانة ولو كثرت، ومنهم من لا يؤديها ولو ائتمنته على دينار لا يؤده إليك، { إِلاَّ مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَآئِماً } عند رأسه مواظباً عليه تطالبه بحقك، { ذٰلِكَ } استحلالاً للأمانة، { بِأَنَّهُمْ قَالُواْ لَيْسَ عَلَيْنَا فِي ٱلأُمِّيِّينَ }، يعنى فى العرب { سَبِيلٌ }، وذلك أن المسلمين باعوا اليهود فى الجاهلية، فلما تقاصهم المسلمون فى الإسلام، قالوا: لا حرج علينا فى حبس أموالهم؛ لأنهم ليسوا على ديننا يزعمون أن ذلك حلال لهم فى التوراة، فذلك قوله عز وجل: { وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ ٱلْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ } [آية: 75] أنهم كذبة، وأن فى التوراة تحريم الدماء والأموال إلا بحقها، ولكن أمرهم بالإسلام وأداء الأمانة وأخذ على ذلك ميثاقهم، فذلك قوله سبحانه: { بَلَىٰ مَنْ أَوْفَىٰ بِعَهْدِهِ } الذى أخذه الله عليه فى التوراة وأدى الأمانة، { وَاتَّقَى } محارمه، { فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ } [آية: 76]، يقول: الذين يتقون استحلال المحارم.