خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ ٱلْحِكْمَةَ أَنِ ٱشْكُرْ للَّهِ وَمَن يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ
١٢
وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يٰبُنَيَّ لاَ تُشْرِكْ بِٱللَّهِ إِنَّ ٱلشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ
١٣
وَوَصَّيْنَا ٱلإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَىٰ وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ ٱشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ ٱلْمَصِيرُ
١٤
وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَىٰ أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلاَ تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي ٱلدُّنْيَا مَعْرُوفاً وَٱتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ
١٥
يٰبُنَيَّ إِنَّهَآ إِن تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ أَوْ فِي ٱلأَرْضِ يَأْتِ بِهَا ٱللَّهُ إِنَّ ٱللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ
١٦
يٰبُنَيَّ أَقِمِ ٱلصَّلاَةَ وَأْمُرْ بِٱلْمَعْرُوفِ وَٱنْهَ عَنِ ٱلْمُنْكَرِ وَٱصْبِرْ عَلَىٰ مَآ أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ ٱلأُمُورِ
١٧
وَلاَ تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلاَ تَمْشِ فِي ٱلأَرْضِ مَرَحاً إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ
١٨
وَٱقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَٱغْضُضْ مِن صَوْتِكَ إِنَّ أَنكَرَ ٱلأَصْوَاتِ لَصَوْتُ ٱلْحَمِيرِ
١٩
-لقمان

مقاتل بن سليمان

{ وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ ٱلْحِكْمَةَ } أعطيناه العلم والفهم من غير نبوة فهذه نعمة، فقلنا له: { أَنِ ٱشْكُرْ للَّهِ } عز وجل في نعمه، فيما أعطاك من الحكمة، { وَمَن يَشْكُرْ } لله تعالى في نعمه، فيوحده { فَإِنَّمَا يَشْكُرُ } يعني فإنما يعمل الخير، { لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ } النعم، فلم يوحد ربه عز وجل، { فَإِنَّ ٱللَّهَ غَنِيٌّ } عن عبادة خلقه { حَمِيدٌ } [آية: 12] عن خلقه في سلطانه.
{ وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لابْنِهِ } واسم ابنه أنعم { وَهُوَ يَعِظُهُ } يعني عز وجل يؤدبه، { يٰبُنَيَّ لاَ تُشْرِكْ بِٱللَّهِ } معه غيره { إِنَّ ٱلشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ } [آية: 13] كان ابنه وامرأته كفاراً، فما زال بهما حتى أسلما، وزعموا أن لقمان كان ابن خالة أيوب، صلى الله عليه.
حدثنا عبيدالله، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا سعيد بن بشير، عن قتادة بن دعامة، قال: كان لقمان رجلاً أفطس من أرض الحبشة، قال هذيل: ولم أسمع مقاتلاً.
{ وَوَصَّيْنَا ٱلإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ } سعد بن أبي وقاص بوالديه، يعني أباه اسمه مالك، وأمه حمنة بنت سفيان بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف { حَمَلَتْهُ أُمُّهُ } حمنة { وَهْناً عَلَىٰ وَهْنٍ } يعني ضعفاً على ضعف { وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ ٱشْكُرْ لِي } يعني الله عز وجل أن هداه للإسلام { وَ } اشكر { وَلِوَالِدَيْكَ } النعم فيما أولياك { إِلَيَّ ٱلْمَصِيرُ } [آية: 14] فأجزيك بعملك.
قال تعالى: { وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَىٰ أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ } لا تعلم بأن معي شريكاً { فَلاَ تُطِعْهُمَا } في الشرك { وَصَاحِبْهُمَا فِي ٱلدُّنْيَا مَعْرُوفاً } يعني بإحسان، ثم قال لسعد، رضي الله عنه: { وَٱتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ } يعني دين من أقل إلى، يعني النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال: { ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ } في الآخرة { فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } [آية: 15] وقال ابن لقمان أنعم لأبيه: يا أبت، إن عملت بالخطيئة حيث لا يرانى أحد كيف يعلمه الله، عز وجل، فرد عليه لقمان، عليه السلام:
{ يٰبُنَيَّ إِنَّهَآ إِن تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ } يعني وزن ذرة { مِّنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ } التي في الأرض السفلى، وهي خضراء مجوفة لها ثلاث شعب على لون السماء، { أَوْ } تكن الحبة { فِي ٱلسَّمَاوَاتِ } السبع { أَوْ فِي ٱلأَرْضِ يَأْتِ بِهَا ٱللَّهُ } يعني بتلك الحبة { إِنَّ ٱللَّهَ لَطِيفٌ } باستخراجها { خَبِيرٌ } [آية: 16] بمكانها.
{ يٰبُنَيَّ أَقِمِ ٱلصَّلاَةَ وَأْمُرْ بِٱلْمَعْرُوفِ } يعني التوحيد { وَٱنْهَ عَنِ ٱلْمُنْكَرِ } يعني الشر الذي لا يعرف { وَٱصْبِرْ عَلَىٰ مَآ أَصَابَكَ } فيهما من الأذى { إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ ٱلأُمُورِ } [آية:17] يقول: إن ذلك الصبر على الأذى في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من حق الأمور التي أمر الله عز وجل بها، وعزم عليها.
{ وَ } قال لقمان لابنه: { وَلاَ تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ } يقول: لا تعرض وجهك عن فقراء الناس إذا كلموك فخراً بالخيلاء والعظمة، { وَلاَ تَمْشِ فِي ٱلأَرْضِ مَرَحاً إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ } [آية: 18] يعني عز وجل كل بطر مرح فخور في نعم الله تعالى لا يأخذها بالشكر.
{ وَٱقْصِدْ فِي مَشْيِكَ } لا تختل في مشيتك، ولا تبطر حيث لا يحل، { وَٱغْضُضْ } يعني واخفض { مِن صَوْتِكَ } يعني من كلامك بأمر لقمان ابنه بالاقتصاد في المشي، والمنطق، ثم ضرب للصوت الرفيع، مثلاً، فقال عز وجل { إِنَّ أَنكَرَ ٱلأَصْوَاتِ لَصَوْتُ ٱلْحَمِيرِ } [آية: 19] يعني أقبح الأصوات لصوت الحمير، لشدة صوتهن تقول العرب: هذا أصوات الحمير، وهذا صوت الحمير، وتقول: هذا صوت الدجاج, وهذا أصوات الدجاج، وتقول: هذا صوت النساء، وأصوات النساء.