{ أَمَّا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ } في الآخرة { جَنَّاتُ ٱلْمَأْوَىٰ } مأوى المؤمنين، ويقال: مأوى أرواح الشهداء { نُزُلاً بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } [آية: 19].
{ وَأَمَّا ٱلَّذِينَ فَسَقُواْ } يعني عصوا يعني الكفار { فَمَأْوَاهُمُ } يعني عز وجل فمصيرهم { ٱلنَّارُ كُلَّمَآ أَرَادُوۤاْ أَن يَخْرُجُواُ مِنْهَآ أُعِيدُواْ فِيهَا وَقِيلَ لَهُمْ } وذلك أن جهنم إذا جاشت ألقت الناس في أعلى النار، فيريدون الخروج فتلقاهم الملائكة بالمقامع فيضربونهم، فيهوى أحدهم من الضربة إلى قعرها، وتقول الخزنة إذا ضربوهم: { ذُوقُواْ عَذَابَ ٱلنَّارِ ٱلَّذِي كُنتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ } [آية: 20] بالبعث وبالعذاب بأنه ليس كائناً، ثم قال عز وجل: { وَلَنُذِيقَنَّهُمْ } يعني كفار مكة { مِّنَ ٱلْعَذَابِ ٱلأَدْنَىٰ } يعني الجوع الذي أصابهم في السنين السبع بمكة حين أكلوا العظام والموتى والجيف والكلاب عقوبة بتكذيبهم النبي صلى الله عليه وسلم، ثم قال: { دُونَ ٱلْعَذَابِ ٱلأَكْبَرِ } يعني القتل ببدر، وهو أعظم من العذاب الذي أصابهم من الجوع { لَعَلَّهُمْ } يعني لكي { يَرْجِعُونَ } [آية: 21] من الكفر إلى الإيمان.
{ وَمَنْ أَظْلَمُ } يقول: فلا أحد أظلم { مِمَّن ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ } يقول: ممن وعظ بآيات القرآن { ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَآ } عن الإيمان { إِنَّا مِنَ ٱلْمُجْرِمِينَ مُنتَقِمُونَ } [آية: 22] يعني كفار مكة نزلت في المطعمين والمستهزئين من قريش، انتقم الله عز وجل منهم بالقتل ببدر، وضربت الملائكة الوجوه والأدبار، وتعجيل أرواحهم إلى النار.