خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي ٱلْمُحْسِنِينَ
١٣١
إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا ٱلْمُؤْمِنِينَ
١٣٢
وَإِنَّ لُوطاً لَّمِنَ ٱلْمُرْسَلِينَ
١٣٣
إِذْ نَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ
١٣٤
إِلاَّ عَجُوزاً فِي ٱلْغَابِرِينَ
١٣٥
ثُمَّ دَمَّرْنَا ٱلآخَرِينَ
١٣٦
وَإِنَّكُمْ لَّتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُّصْبِحِينَ
١٣٧
وَبِٱلَّيلِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ
١٣٨
وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ ٱلْمُرْسَلِينَ
١٣٩
إِذْ أَبَقَ إِلَى ٱلْفُلْكِ ٱلْمَشْحُونِ
١٤٠
فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ ٱلْمُدْحَضِينَ
١٤١
فَٱلْتَقَمَهُ ٱلْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ
١٤٢
فَلَوْلاَ أَنَّهُ كَانَ مِنَ ٱلْمُسَبِّحِينَ
١٤٣
لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ
١٤٤
-الصافات

مقاتل بن سليمان

{ إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي ٱلْمُحْسِنِينَ } [آية: 131] هكذا نجزى كل محسن { إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا ٱلْمُؤْمِنِينَ } [آية: 132] المصدقين بالتوحيد.
قال الفراء, عن حيان الكلبى: إل ياسين يعنى به النبى صلى الله عليه وسلم، فإذا قال سلام على إل ياسين، فالمعنى سلام على آل محمد صلى الله عليه وسلم، وآل كل نبى من اتبعه على دينه، وآل فرعون من اتبعه على دينه، فذلك قوله عز وجل:
{ أَدْخِلُوۤاْ آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ ٱلْعَذَابِ } [غافر: 46]. راجع إلى مقاتل.
{ وَإِنَّ لُوطاً لَّمِنَ ٱلْمُرْسَلِينَ } [آية: 133] أرسل إلى سدوم، ودارموا، وعامورا، وصابورا، أربع مدائن كل مدينة مائة ألف { إِذْ نَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ } [آية: 134] يعني ابنتيه ريثا، وزعونا.
ثم استثنى امرأة، فقال جل وعز: { إِلاَّ عَجُوزاً فِي ٱلْغَابِرِينَ } [آية: 135] يعنى فى الباقين فى العذاب { ثُمَّ دَمَّرْنَا ٱلآخَرِينَ } [آية: 136] نظيرها فى الشعراء
{ ٱلآخَرِينَ } [الشعراء: 172]، ثم أهلكنا بقيتهم بالخسف والحصب.
{ وَإِنَّكُمْ } يا أهل مكة { لَّتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُّصْبِحِينَ } [آية: 137] { وَبِٱلْلَّيْلِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ } [آية: 138] على القرى نهاراً وليلاً وغدوة وعشية، إذا انطلقتم إلى الشام إلى التجارة، { وَإِنَّ يُونُسَ } وهو ابن متى من أهل نينوى { لَمِنَ ٱلْمُرْسَلِينَ } [آية: 139] كان من بنى إسرائيل.
{ إِذْ أَبَقَ إِلَى ٱلْفُلْكِ ٱلْمَشْحُونِ } [آية: 140] الموقر من الناس والدواب، فساهم وذلك أنه دخل السفينة، فلف رأسه ونام فى جانبها، فوكل الله عز وجل به الحوت، واسمها اللخم، فاحتبست سفينتهم ولم تجر، فخاف القوم الغرق، فقال بعضهم لبعض: إن فينا لعبداً مذنباً، قالوا له وهو ناحيتها، ياعبدالله من أنت؟ ألا ترى أنا قد غرقنا؟ قال: أنا المطلوب أنا يونس بن متى، فاقذفونى فى البحر.
قالوا: نعوذ بالله أن نقذفك يا رسول الله، فقارعهم ثلاث مرات كل ذلك يقرعونه، فقالوا: لا، ولكن نكتب أسماءنا، ثم نقذف بها فى الماء، ففعل ذلك، فقالوا: اللهم إن كان هذا طلبتك، فغرق اسمه، وخرج أسماءنا، فغرق اسمه وارتفعت أسماؤهم، ثم قالوا الثانية: اللهم إن كنت إياه تطلب فغرق أسماءنا وارفع اسمه، فغرقت أسماؤهم، وارتفع اسمه، ثم قالوا الثالثة: اللهم إن كنت إياه تطلب فغرق اسمه، وارفع أسماءنا، فغرق اسمه وارتفعت أسماؤهم، فلما رأوا ذلك ثلاث مرات أخذوا بيده ليقذفوه فى الماء.
ولم يكن أوحى الله إلى الحوت ماذا الذى يريد به؟ فلما قذف أوحى إلى الحوت، وليس بينه وبين الماء إلا شبران، لى من عبدى حاجة إن لم أجعل عبدى لك رزقاً، ولكن جعلت بطنك له مسجداً، فلا تحسرى له شعراً وبشرا، ولا تردى عليه طعاماً ولا شراباً، قال: فقال له الماء والريح: أين أردت أن تهرب؟ من الذى يعبد فى السماء والأرض، فوالله إنا لنعبده، وإنا لنخشى أن يعاقبنا، و جعل يونس يذكر الله عز وجل، ويذكر كل شىء صنع ولا يدعوه فألهمه الله جل وعز عند الوقت، فدعاه ففلق دعاءه البحر والسحاب، فنادى بالتوحيد، ثم نزه الرب عز وجل، أنه ليس أهل لأن يعصى، ثم اعترف، فقال:
{ لاَّ إِلَـٰهَ إِلاَّ أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ ٱلظَّالِمِينَ } [الأنبياء: 87].
{ فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ ٱلْمُدْحَضِينَ } [آية: 141] يعنى فقارعهم فكان من المقروعين المغلوبين { فَٱلْتَقَمَهُ ٱلْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ } [آية: 142] يعنى استلام إلى ربه، قال الفراء: ألام الرجل إذا استحق اللوم وهو مليم، وقال أيضاً: وليم على أمر قد كان منه، فهو ملوم على ذلك، رجع إلى قول مقاتل.
{ فَلَوْلاَ أَنَّهُ كَانَ } قبل أن يلتقمه الحوت { مِنَ ٱلْمُسَبِّحِينَ } [آية: 143] يعنى من المصلين قبل المعصية، وكان فى زمانه كثير الصلاة والذكر لله جل وعز، فولا ذلك { لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ } عقوبة فيه { إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ } [آية: 144] الناس من قبورهم.