خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

مَّن يَشْفَعْ شَفَٰعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَّهُ نَصِيبٌ مِّنْهَا وَمَن يَشْفَعْ شَفَٰعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَّهُ كِفْلٌ مِّنْهَا وَكَانَ ٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ مُّقِيتاً
٨٥
وَإِذَا حُيِّيتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَآ أَوْ رُدُّوهَآ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ حَسِيباً
٨٦
ٱللَّهُ لاۤ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ لاَ رَيْبَ فِيهِ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ ٱللَّهِ حَدِيثاً
٨٧
فَمَا لَكُمْ فِي ٱلْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَٱللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوۤاْ أَتُرِيدُونَ أَن تَهْدُواْ مَنْ أَضَلَّ ٱللَّهُ وَمَن يُضْلِلِ ٱللَّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً
٨٨
-النساء

مقاتل بن سليمان

وقوله سبحانه: { مَّن يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً } لأخيه المسلم بخير، { يَكُنْ لَّهُ نَصِيبٌ مِّنْهَا }، يعنى حظاً من الأجر من أجل شفاعته، { وَمَن يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً }، وهو الرجل يذكر أخاه بسوء عند رجل فيصيبه عنت منه، فيأثم المبلغ، فذلك قوله سبحانه: { يَكُنْ لَّهُ كِفْلٌ مَّنْهَا }، يعنى إثماً من شفاعته، { وَكَانَ ٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ مُّقِيتاً } [آية: 85] من الحيوان، عليه قوت كل دابة لمدة رزقها.
{ وَإِذَا حُيِّيتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَآ }، نزلت فى نفر بخلوا بالسلام، فحيوا بأحسن منها، { أَوْ رُدُّوهَآ }، يقول: فردوا عليه أحسن مما قال، قال: فيقول: وعليك ورحمة الله وبركاته، أو يرد عليه مثل ما سلم عليه، { إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ } من أمر التحية، إن رددت عليها أحسن منها أو مثلها، { حَسِيباً } [آية: 86]، يعنى شهيداً، { ٱللَّهُ لاۤ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ }، نزلت فى قوم شكوا فى البعث، فأقسم الله عز وجل بنفسه ليبعثهم إلى يوم القيامة، { لاَ رَيْبَ فِيهِ }، يعنى لا شك فى البعث، { وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ ٱللَّهِ حَدِيثاً } [آية: 87]، يقول: فلا أحد أصدق من الله حديثاً إذا حدث، يعنى فى أمر البعث.
{ فَمَا لَكُمْ } صرتم { فِي ٱلْمُنَافِقِينَ } نزلت فى تسعة نفر، منهم: مخرمة بن زيد القرشى، هاجروا من مكة إلى المدينة، فقدموا وأرادوا الرجعة، فقال بعضهم: نخرج كهيئة البداة، فإذا غفل عنا مضينا إلى مكة، فجعلوا يتحولون منقلة منقلة، حتى تباعدوا من المدينة، ثم إنهم أدلجوا حتى أصبحوا قد قطعوا أرضاً بعيدة، فلحقوا بمكة، فكتبوا إلى النبى صلى الله عليه وسلم: إنَّا على ما فرقناك عليه، ولكنا اشتقنا إلى بلادنا وإخوتنا بمكة، ثم إنهم خرجوا تجاراً إلى الشام، واستبضعهم أهل مكة بضائعهم، فقالوا لهم: أنتم على دين محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فلا بأس عليكم، فساروا وبلغ المسلمين أمرهم، فقال بعضهم لبعض: اخرجوا إلى هؤلاء فنقاتلهم، ونأخذ ما معهم، فإنهم تركوا دار الهجرة وظاهروا عدونا.
وقال آخرون: ما حلت دماؤهم ولا أموالهم ولكنهم فتنوا، ولعلهم يرجعوا للتوبة، والنبى صلى الله عليه وسلم ساكت، فأنزل الله عز وجل يخبر عن تسعة رهط ويعظ المؤمنين ليكون أمرهم جميعاً عليهم فقال الله عز وجل: { فَمَا لَكُمْ } صرتم { فِي ٱلْمُنَافِقِينَ } { فِئَتَيْنِ } تختصمون، { وَٱللَّهُ أَرْكَسَهُمْ }، يعنى أضلهم فردهم إلى الكفر، { بِمَا كَسَبُوۤاْ أَتُرِيدُونَ أَن تَهْدُواْ مَنْ أَضَلَّ ٱللَّهُ وَمَن يُضْلِلِ ٱللَّهُ } عن الهدى، { فَلَن تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً } [آية: 88].