خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَآءَ فَزَيَّنُواْ لَهُم مَّا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَحَقَّ عَلَيْهِمُ ٱلْقَوْلُ فِيۤ أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِمْ مِّنَ ٱلْجِنِّ وَٱلإِنْسِ إِنَّهُمْ كَانُواْ خَاسِرِينَ
٢٥
وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لاَ تَسْمَعُواْ لِهَـٰذَا ٱلْقُرْآنِ وَٱلْغَوْاْ فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ
٢٦
فَلَنُذِيقَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ عَذَاباً شَدِيداً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَسْوَأَ ٱلَّذِي كَانُواْ يَعْمَلُونَ
٢٧
ذَلِكَ جَزَآءُ أَعْدَآءِ ٱللَّهِ ٱلنَّارُ لَهُمْ فِيهَا دَارُ الخُلْدِ جَزَآءً بِمَا كَانُوا بِآياتِنَا يَجْحَدُونَ
٢٨
وَقَال الَّذِينَ كَفَرُواْ رَبَّنَآ أَرِنَا ٱلَّذَيْنِ أَضَلاَّنَا مِنَ ٱلْجِنِّ وَٱلإِنسِ نَجْعَلْهُمَا تَحْتَ أَقْدَامِنَا لِيَكُونَا مِنَ ٱلأَسْفَلِينَ
٢٩
إِنَّ ٱلَّذِينَ قَالُواْ رَبُّنَا ٱللَّهُ ثُمَّ ٱسْتَقَامُواْ تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ ٱلْمَلاَئِكَةُ أَلاَّ تَخَافُواْ وَلاَ تَحْزَنُواْ وَأَبْشِرُواْ بِٱلْجَنَّةِ ٱلَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ
٣٠
-فصلت

مقاتل بن سليمان

قال: { وَقَيَّضْنَا لَهُمْ } في الدنيا { قُرَنَآءَ } من الشياطين، يقول: وهيأنا لهم قرناء في الدنيا، { فَزَيَّنُواْ لَهُم }، يقول: فحسنوا لهم، كقوله: { كَذٰلِكَ زُيِّنَ } [يونس: 12]، يقول: حسن { مَّا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ }، يعني من أمر الآخرة، وزينوا لهم التكذيب بالبعث والحساب والثواب والعقاب أن ذلك ليس بكائن، { وَ } زينوا لهم { وَمَا خَلْفَهُمْ } من الدنيا، فحسنوه في أعينهم، وحببوها إليهم حتى لا يعلموا خيراً، { وَحَقَّ عَلَيْهِمُ ٱلْقَوْلُ }، يعني وجب عليهم العذاب، { فِيۤ أُمَمٍ }، يعني مع أمم، { قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِمْ }، يعني من قبل كفار مكة، { مِّنَ } كفار { ٱلْجِنِّ وَٱلإِنْسِ } من الأمم الخالية، { إِنَّهُمْ كَانُواْ خَاسِرِينَ } [آية: 25].
{ وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ }، يعني الكفار، { لاَ تَسْمَعُواْ لِهَـٰذَا ٱلْقُرْآنِ } [آية: ........]ـ، إلى ثلاث آيات، وهذا قول أبى جهل، وأبي سفيان لكفار قريش، قالوا لهم: إذا سمعتم القرآن من محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فارفعوا أصواتكم بالأشعار والكلام في وجوههم، حتى تلبسوا عليهم قولهم فيسكتون، فذلك قوله: { وَٱلْغَوْاْ فِيهِ } بالأشعار والكلام، { لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ } [آية: 26]، يعني لكي تغلبونهم فيسكتون.
فأخبر الله تعالى بمستقرهم في الآخرة، فقال: { فَلَنُذِيقَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ عَذَاباً شَدِيداً }، يعني أبا جهل وأصحابه، { وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَسْوَأَ ٱلَّذِي كَانُواْ يَعْمَلُونَ } [آية: 27] من الشرك.
{ ذَلِكَ } العذاب { جَزَآءُ أَعْدَآءِ ٱللَّهِ ٱلنَّارُ }، يعني أبا جهل وأصحابه، { لَهُمْ فِيهَا دَارُ الخُلْدِ } لا يموتون، { جَزَآءً بِمَا كَانُوا بِآياتِنَا }، يعني بآيات القرآن، { يَجْحَدُون } [آية: 28] أنه ليس من الله تعالى، وقد عرفوا أن محمداً صلى الله عليه وسلم صادق في قوله، ونزل في أبي جهل بن هشام، وأبي بن خلف:
{ إِنَّ ٱلَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِيۤ آيَاتِنَا لاَ يَخْفَوْنَ... } [فصلت: 40] الآية.
{ وَقَال الَّذِينَ كَفَرُواْ رَبَّنَآ أَرِنَا ٱلَّذَيْنِ أَضَلاَّنَا مِنَ ٱلْجِنِّ وَٱلإِنسِ }؛ لأنهما أول من أقاما على المعصية من الجن إبليس، ومن الإنس ابن آدم قاتل هابيل رأس الخطيئة، { نَجْعَلْهُمَا تَحْتَ أَقْدَامِنَا }، يعني من أسفل منا في النار، { لِيَكُونَا مِنَ ٱلأَسْفَلِينَ } [آية: 29] في النار.
ثم أخبر عن المؤمنين، فقال: { إِنَّ ٱلَّذِينَ قَالُواْ رَبُّنَا ٱللَّهُ }، فعرفوه، { ثُمَّ ٱسْتَقَامُواْ } على المعرفة، ولم يرتدوا عنها، { تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ ٱلْمَلاَئِكَةُ } في الآخرة من السماء، وهم الحفظة، { أَلاَّ تَخَافُواْ وَلاَ تَحْزَنُواْ وَأَبْشِرُواْ بِٱلْجَنَّةِ ٱلَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ } [آية: 30] وذلك أن المؤمن إذا خرج من قبره، فينفض رأسه، وملكه قائم على رأسه يسلم عليه، فيقول الملك للمؤمن: أتعرفنى؟ فيقول: لا، فيقول: أنا الذي كنت أكتب عملك الصالح، فلا تخف ولا تحزن، وأبشر بالجنة التي كنت توعد، وذلك أن الله وعدهم على ألسنة الرسل في الدنيا الجنة.