قوله تعالى: { وَمَن يُضْلِلِ ٱللَّهُ } عن الهدى، { فَمَا لَهُ مِن وَلِيٍّ }، يقول: ومن يضلل الله عن الهدى، فما له من قريب يهديه إلى دينه، { مِّن بَعْدِهِ }، مثلها فى الجاثية، قال: { وَتَرَى ٱلظَّالِمِينَ }، يعنى المشركين، { لَمَّا رَأَوُاْ ٱلْعَذَابَ } فى الآخرة، { يَقُولُونَ هَلْ إِلَىٰ مَرَدٍّ مِّن سَبِيلٍ } [آية: 44]، يقول: هل إلى الرجعة إلى الدنيا من سبيل.
{ وَتَرَاهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا }، يعنى على النار واقفين عليها، { خَاشِعِينَ }، يعنى خاضعين، { مِنَ ٱلذُّلِّ } الذى نزل بهم، { يَنظُرُونَ مِن طَرْفٍ خَفِيٍّ }، يعنى يستخفون بالنظر إليها يسارقون النظر، { وَقَالَ ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ }، يعنى النبى صلى الله عليه وسلم وحده، وقالها فى الزمر، { إِنَّ ٱلْخَاسِرِينَ ٱلَّذِينَ خَسِرُوۤاْ أَنفُسَهُمْ }، يعنى غبنوا أنفسهم، فصاروا إلى النار، { وَ } خسروا { وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ }، يقول: وغبنوا أهليهم فى الجنة، فصاروا لغيرهم، ولو دخلوا الجنة أصابوا الأهل، فلما دخلوا النار حرموا فصار مافى الجنة والأهلين لغيرهم، { أَلاَ إِنَّ ٱلظَّالِمِينَ }، يعنى المشركين، { فِي عَذَابٍ مُّقِيمٍ } [آية: 45]، يعنى دائم لا يزول عنهم، مثلها فى الروم.
{ وَمَا كَانَ لَهُم مِّنْ أَوْلِيَآءَ يَنصُرُونَهُم مِّن دُونِ ٱللَّهِ }، يقول: وما كان لهم من أقرباء يمنعونهم من الله، { وَمَن يُضْلِلِ ٱللَّهُ } عن الهدى، { فَمَا لَهُ مِن سَبِيلٍ } [آية: 46] إلى الهدى.
قوله: { ٱسْتَجِيبُواْ لِرَبِّكُمْ } بالإيمان، يعنى التوحيد، { مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَّ مَرَدَّ لَهُ }، يعنى لا رجعة لهم، إذا جاء يوم القيامة لا يقدر أحد على دفعه، { مِنَ ٱللَّهِ }، ثم أخبر عنهم يومئذ، فقال: { مَا لَكُمْ مِّن مَّلْجَأٍ يَوْمَئِذٍ }، يعنى حرزاً يحرزكم من العذاب، { وَمَا لَكُمْ مِّن نَّكِيرٍ } [آية: 47] من العذاب.
{ فَإِنْ أَعْرَضُواْ } عن الهدى، { فَمَآ أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً }، يعنى رقيباً، { إِنْ عَلَيْكَ إِلاَّ ٱلْبَلاَغُ } يا محمد، { وَإِنَّآ إِذَآ أَذَقْنَا ٱلإِنسَانَ }، يقول: إذا مسسنا، وفى قراءة ابن مسعود: وإنا إذا أذقنا الناس منا رحمة فرحوا بها، يعنى المطر، { مِنَّا رَحْمَةً فَرِحَ بِهَا وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ }، يعنى كفار مكة، يعنى قحط فى المطر، { بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ } من الكفر، { فَإِنَّ ٱلإِنسَانَ كَفُورٌ } [آية: 48]، فيها تقديم، لنعم ربه فى كشف الضر عنه، يعنى الجوع وقحط المطر، نظيرها فى الروم.
ثم عظم نفسه، فقال: { لِلَّهِ مُلْكُ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَآءُ } فى الرحم، { يَهَبُ لِمَن يَشَآءُ إِنَاثاً }، يعنى البنات، { وَيَهَبُ لِمَن يَشَآءُ ٱلذُّكُورَ } [آية: 49]، يعنى البنين، ليس فيهم انثى.