ثم قال يعنيهم: {يَابَنِيۤ آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ} في كنيسة، أو بيعة، أو غيرها، {وكُلُواْ} من الحرث والأنعام، {وَٱشْرَبُواْ} من الألبان، {وَلاَ تُسْرِفُوۤاْ}، يقول: ولا تشركوا الآلهة في تحريم الحرث، والأنعام، والثياب، والألبان، مما هو حل لكم، {إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلْمُسْرِفِينَ}[آية: 31]، يعني المشركين.
{قُلْ} لهم: {مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ ٱللَّهِ}، يعني الثياب، {ٱلَّتِيۤ أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالْطَّيِّبَاتِ}، يعني الحلال، {مِنَ ٱلرِّزْقِ}، يعني الحرث، والأنعام، والألبان، {قُلْ هِي لِلَّذِينَ آمَنُواْ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ}، يقول: أشرك في الطيبات في الدنيا المؤمن والكافر، وهي خالصة للمؤمنين يوم القيامة، {كَذَلِكَ نُفَصِّلُ}، يقول: هكذا نبين {ٱلآيَاتِ}، يعني أمور ما ذكر في هذه الآية، {لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} [آية: 32] بتوحيد الله.
ثم أخبرهم بما حرم الله، فقال: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ ٱلْفَوَاحِشَ}، يعني الزنا، {مَا ظَهَرَ مِنْهَا}، يعني العلانية، {وَمَا بَطَنَ} في السر وكانوا يتكرمون عن الزنا في العلانية، ويفعلوه في السر، وحرم شرب الخمر، {وَٱلإِثْمَ} والمعاصى، {وَٱلْبَغْيَ}، يعني ظلم الناس، {بِغَيْرِ ٱلْحَقِّ}، إلا أن يقتص منه بحق، {وَ} حرم {وَأَن تُشْرِكُواْ بِٱللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً}، يعني كتاباً فيه حجتكم بأن معه شريكاً، {وَ} حرم {وَأَن تَقُولُواْ عَلَى ٱللَّهِ} بأنه حرم الحرث، والأنعام، والألبان، والثياب، {مَا لاَ تَعْلَمُونَ} [آية: 33] أنه حرمه.
ثم خوفهم بالعذاب، فقال: {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ} العذاب، {فَإِذَا جَآءَ أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ} [آية: 34]، يقول: لا يتأخرون ولا يتقدمون حتى يعذبوا، وذلك حين سألوا النبي صلى الله عليه وسلم عن العذاب.
ثم قال: {يَابَنِيۤ آدَمَ}، يعني مشركي العرب، {إِمَّا} فإن {يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ} محمد صلى الله عليه وسلم وحده، {يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي}، يعني يتلون عليكم القرآن، {فَمَنِ ٱتَّقَىٰ} الشرك {وَأَصْلَحَ} العمل وآمن بالله، {فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ} [آية: 35] من الموت.