{وَيَسْتَنْبِئُونَكَ} ويستخبرونك يا محمد {أَحَقٌّ هُوَ} ما تعدنا من العذاب وقيام الساعة {قُلْ إِي} كلمة تحقيق {وَرَبِّيۤ إِنَّهُ لَحَقٌّ} لا شك فيه {وَمَآ أَنتُمْ بِمُعْجِزِينَ} فأتيقن {وَلَوْ أَنَّ لِكُلِّ نَفْسٍ ظَلَمَتْ} أشركت {مَا فِي ٱلأَرْضِ لاَفْتَدَتْ بِهِ} يوم القيامة {وَأَسَرُّواْ} وأخفوا {ٱلنَّدَامَةَ} على كفرهم {لَمَّا رَأَوُاْ ٱلْعَذَابَ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِٱلْقِسْط} وفرغ من عذابهم {وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ * أَلاۤ إِنَّ للَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ أَلاَ إِنَّ وَعْدَ ٱللَّهِ حَقٌّ} إلى قوله {قَدْ جَآءَتْكُمْ مَّوْعِظَةٌ} تذكرة {مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَآءٌ} ودواء {لِّمَا فِي ٱلصُّدُورِ} إلى قوله تعالى: {قُلْ بِفَضْلِ ٱللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ}.
قال أبو سعيد الخدري: فضل الله القرآن ورحمته أن جعلكم من أهله.
وقال ابن عمر: فضل الله الإسلام وبرحمته تزيينه في القلب.
خالد بن معدان: فضل الله الإسلام وبرحمته السنّة.
الكسائي: فضل الله النعم الظاهرة، ورحمته النعم الباطنة. بيانه: وأسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة.
أبو بكر الوراق: فضل الله النعماء وهو ما أعطى وجنى ورحمته الآلاء وهي ما صرف.
وروى ابن عيينة فضل الله التوفيق ورحمته العصمة.
سهل بن عبد الله: فضل الله الإسلام ورحمته السنّة.
الحسين بن الفضل: فضل الله الإيمان ورحمته الجنة.
ذو النون المصري: فضل الله دخول الجنان ورحمته النجاة من النيران.
عمر بن عثمان الصدفي: فضل الله كشف الغطاء ورحمته الرؤية واللقاء.
وقال هلال بن يساف ومجاهد وقتادة: فضل الله الإيمان ورحمته القرآن {فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ} من الأموال قرأ العامة كلاهما بالياء على الخبر، وقرأهما أبو جعفر: بالتاء وذكر ذلك عن أبي بن كعب، وقرأ الحسين ويعقوب: فلتفرحوا بالتاء خطاباً للمؤمنين يدل عليه قول النبي صلى الله عليه وسلم في بعض مغازيه: "لتأخذوا [مصافكم] ويجمعون" بالياء خبراً عن الكافرين {قُلْ} يا محمد لكفار مكة {أَرَأَيْتُمْ مَّآ أَنزَلَ ٱللَّهُ} خلق الله {لَكُمْ} عبّر عن الخلق بالإنزال لأن ما في الأرض من خيراتها أنزل من السماء {مِّن رِّزْقٍ} زرع أو ضرع {فَجَعَلْتُمْ مِّنْهُ حَرَاماً وَحَلاَلاً} وهو ما حرموا من الحرث والأنعام والبحيرة والسائبة والوصيلة والحامي.
قال الضحاك: هو قوله تعالى: { وَجَعَلُواْ للَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ ٱلْحَرْثِ وَٱلأَنْعَامِ نَصِيباً } [الأنعام: 136] الآية {قُلْ ءَآللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ} في هذا التحريم والتحليل {أَمْ} بل {عَلَى ٱللَّهِ تَفْتَرُونَ} وهو قولهم: الله أمرنا بها {وَمَا ظَنُّ ٱلَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى ٱللَّهِ ٱلْكَذِبَ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ} أيحسبون أن الله لا يؤاخذهم ولا يعاتبهم عليه {إِنَّ ٱللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى ٱلنَّاسِ} منّ على الناس حين لا يعجل عليهم بالعذاب بافترائهم {وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَشْكُرُونَ * وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ} عمل من الأعمال، وجمعه: شؤون، قال الأخفش: يقول العرب ما شأنك شأنه، أي لمّا عملت على عمل {وَمَا تَتْلُواْ مِنْهُ} من الله {مِن قُرْآنٍ} ثم خاطبه وأمته جميعاً فقال: {وَلاَ تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلاَّ كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُوداً إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ} أي تأخذون وتدخلون فيه، والهاء عائدة على العمل، يقال: أفاض فلان في الحديث وفي القول إذا أبدع فيه.
قال الراعي:
وأفضن بعد كظومهن بجرةمن ذي الأبارق إذ رعين حقيلا
قال ابن عباس: تفيضون تفعلون، الحسن: تعملون، الأخفش: تكلمون، المؤرّخ: تكثرون، ابن زيد: تخرصون. ابن كيسان: تنشرون. يقال: حديث ستفيض، وقيل: تسعون.
وقال الضحاك: الهاء عائدة إلى القرآن أي تستمعون في القرآن من الكذب. قيل: من شهد شهود الحق قطعاً ذلك عن مشاهدة الأغيار أجمع {وَمَا يَعْزُبُ عَن رَّبِّكَ} قال ابن عباس: فلا يغيب، أبو روق: يبعد، وقال ابن كيسان يذهب.
وقرأ يحيى والأعمش والكسائي: يعزب بكسر الزاء وقرأ الباقون: بالضم وهما لغتان [صحيحتان] {مِن مِّثْقَالِ} من صلة معناه وما يعزب عن ربك مثقال ذرة أو وزن ذرة [وهي النملة الحمراء الصغيرة]، يقول العرب: [خذ] هذا، فإنهما أثقل مثقالا وأخفها مثقالا أي وزناً {فِي ٱلأَرْضِ وَلاَ فِي ٱلسَّمَآءِ وَلاَ أَصْغَرَ مِن ذٰلِكَ وَلاۤ أَكْبَرَ} قرأ الحسن وابن أبي يحيى وحمزة برفع الراء فيهما عطفاً على موضع المثقال فبرّر دخول من، وقرأ الباقون بفتح الراء عطفاً على الذرة ولا مثقال أصغر وأكبر {إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ} بمعنى اللوح المحفوظ.