خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

إِذْ تَبَرَّأَ ٱلَّذِينَ ٱتُّبِعُواْ مِنَ ٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُواْ وَرَأَوُاْ ٱلْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ ٱلأَسْبَابُ
١٦٦
وَقَالَ ٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُواْ لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُواْ مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ ٱللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِنَ ٱلنَّارِ
١٦٧
-البقرة

الكشف والبيان

إِذْ تَبَرَّأَ ٱلَّذِينَ ٱتُّبِعُواْ مِنَ ٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُواْ } قرأ مجاهد: بتقديم الفاعل على المفعول.
وقرأ الباقون: بالضدّ، والمتبوعون هم الجبابرة والقادة في الشرك والشّر، والتابعون هم الأتباع والضّعفاء والسفلة قالهُ أكثر أهل التفسير.
السّدي: هم الشيّاطين يتبرأون من الأنس.
{ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ } أي عنهم، والباء بمعنى عن.
{ ٱلأَسْبَابُ } قال ابن عبّاس ومجاهد وقتادة: يعني المودّة والوصلة التي صارت بينهم في الدُّنيا، أو صارت مخالفتهم عداوة.
ربيع: يعني بالأسباب المنازل التي كانت لهم من أهل الدُّنيا، ابن جُريح والكلبي: يعني الأنساب والأرحام كقوله تعالى
{ { فَلاَ أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ } [المؤمنون: 101].
السّدي: يعني الأعمال التي كانوا يعملونها في الدُّنيا. بيانه قوله
{ { وَقَدِمْنَآ إِلَىٰ مَا عَمِلُواْ مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَآءً مَّنثُوراً } [الفرقان: 23] وقوله { { ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ } [محمد: 1].
فأهل التقوى أعُطوا الأسباب أعمال وثيقة فيأخذون بها وينجون، الآخرون يعطون أسباب أعمالهم الخبيثة فتنقطع بهم أعمالهم فيذهبون إلى النّار.
أبو روق: العهود التي كانت بينهم في الدنيا، وأصل السّبب كلّ شيء يتوصل به إلى شيء من ذريعة أو قرابة أو مودّة، ومنه قيل للجهاد: سبب وللطريق سبب وللسلّم سبب. قال زهير:

ومن هاب أسباب المنايا ظلتهُ لو رام أن يرقى السّماء بسلّم

{ وَقَالَ ٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُواْ } يعني الأتباع.
و{ لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً } رجعة إلى الدُّنيا.
{ فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ } أي من المتبوعين.
{ كَمَا تَبَرَّءُواْ مِنَّا } اليوم أجاب للتمني بالفعل.
قال الله عزّ وجلّ { كَذَلِكَ } أي كما اراهم العذاب كذلك.
{ يُرِيهِمُ ٱللَّهُ } وقيل: ليتبرأوا بعضهم من بعضهم يريهم الله { أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ } ندامات.
{ عَلَيْهِمْ } قيل: اراد أعمالهم الصّالحة التي ضيعّوها.
قال السّدي: ترفع لهم الجنّة فينظرون إليها وإلى بيوتهم فسألوا قيل: أراد أعمالهم لو أطاعوا الله فيقال لهم: تلك مساكنكم لو أطعتم الله. ثمّ تقسم بين المؤمنين فيرثوهم فذلك حين يندمون.
ربيع: أراد به أعمالهم السّيئة لمَ عملوها وهلاّ عملوا بغيرها ممّا يرضي الله تعالى.
ابن كيسان: إنّهم اشركوا بالله الأوثان رجاء أن يُقر بّهم إلى الله فلمّا عذّبوا على ما كانوا يرجون ثوابه تحسّروا وندموا والحسرات جمع حسرة وكذلك كلّ إسم كان واحدة على فعله مفتوح الأوّل ساكن الثاني فإنّ جمعه على فعلات مثل ثمرة وثمرات وشهوة وشهوات فأمّا إذا كان نعتاً فانّك تسكّن ثانية مثل ضخمه وضخمات وعيلة وعيلات وكذلك ما كان من الأسماء مكسور الأوّل مثل نعمة وسدرة.
{ وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِنَ ٱلنَّارِ }.