{ فَأَوْحَيْنَآ إِلَيْهِ أَنِ ٱصْنَعِ ٱلْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا فَإِذَا جَآءَ أَمْرُنَا وَفَارَ ٱلتَّنُّورُ فَٱسْلُكْ فِيهَا } فأدخل فيها، يقال: سلكته في كذا وأسلكته فيه، قال الشاعر:
وكنت لزاز خصمك لم أُعرّدوقد سلكوك في يوم عصيب
وقال الهذلي:
حتى إذا أسلكوهم في قتائدةشلاًّ كما تطرد الجمّالة الشردا
{ مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ ٱثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلاَّ مَن سَبَقَ عَلَيْهِ ٱلْقَوْلُ مِنْهُمْ وَلاَ تُخَاطِبْنِي فِي ٱلَّذِينَ ظَلَمُوۤاْ إِنَّهُمْ مُّغْرَقُونَ }.
قال الحسن: لم يحمل نوح في السفينة إلاّ من يلد ويبيض، فأما ما يتولد من الطين وحشرات الأرض والبق والبعوض فلم يحمل منها شيئاً.
{ فَإِذَا ٱسْتَوَيْتَ } اعتدلت في السفينة راكباً فيها، عالياً فوقها { أَنتَ وَمَن مَّعَكَ عَلَى ٱلْفُلْكِ فَقُلِ ٱلْحَمْدُ للَّهِ ٱلَّذِي نَجَّانَا مِنَ ٱلْقَوْمِ ٱلظَّالِمِينَ * وَقُل رَّبِّ أَنزِلْنِي مُنزَلاً مُّبَارَكاً } قرأه العامة بضم الميم على المصدر أي إنزالاً مباركاً، وقرأ عاصم برواية أبي بكر بفتح الميم وكسر الزاي أي موضعاً.
{ وَأَنتَ خَيْرُ ٱلْمُنزِلِينَ * إِنَّ فِي ذٰلِكَ لآيَاتٍ وَإِن كُنَّا } وقد كنّا، وقيل: وما كنا إلاّ مبتلين مختبرين إيّاهم بتذكيرنا ووعظنا لننظر ماهم عاملون قبل نزول العذاب بهم.
{ ثُمَّ أَنشَأْنَا مِن بَعْدِهِمْ } أي أهلكناهم وأحدّثنا من بعدهم { قَرْناً آخَرِينَ * فَأَرْسَلْنَا فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْهُمْ } قال المفسّرون يعني هوداً وقومه { أَنِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَكُمْ مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرُهُ أَفَلاَ تَتَّقُونَ * وَقَالَ ٱلْمَلأُ مِن قَوْمِهِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَكَذَّبُواْ بِلِقَآءِ ٱلآخِرَةِ وَأَتْرَفْنَاهُمْ } نعّمناهم ووسّعنا عليهم، والترفة: النعمة، في الحياة الدنيا { مَا هَـٰذَا } الرسول { إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ * وَلَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَراً مِّثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذاً لَّخَاسِرُونَ * أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنتُمْ تُرَاباً وَعِظاماً } قد ذهبت اللحوم { أَنَّكُمْ مُّخْرَجُونَ } من قبوركم أحياءً، وأعاد إنّكم لمّا طال الكلام، ومعنى وكنتم تراباً وعظاماً إنكم مخرجون.