خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

يَوْمَ يَأْتِ لاَ تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلاَّ بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ
١٠٥
-هود

الدر المصون

وقرأ أبو عمرو والكسائي ونافع "يأتي" بإثبات الياء وصلاً وحَذْفِها وقفاً. وقرأ ابن كثير بإثباتها وصلاً ووقفاً، وباقي السبعة قرؤوا بحذفها وصلاً ووقفاً. وقد وَرَدَت المصاحف بإثباتها وحذفها: ففي مصحف أُبَي إثباتُها، وفي مصحف عثمان حَذْفُها، وإثباتُها هو الوجه لأنها لام الكلمة وإنما حذفوها في القوافي والفواصل لأنها محلُّ وقوف وقالوا: لا أَدْرِ، ولا أبالِ. وقال الزمخشري: "والاجتزاءُ بالكسرة عن الياءِ كثيرٌ في لغة هُذَيْل" وأنشد ابن جرير في ذلك:

2708 ـ كفَّاك كفٌّ ما تُليقُ دِرْهماً جُوْداً وأخرى تُعْطِ بالسيف الدَّما

والناصبُ لهذا الظرف فيه أوجه، أحدها: أنه "لا تَكَلَّمُ" والتقدير: لا تَكَلَّمُ نفسٌ يومَ يأتي ذلك اليوم. وهذا معنى جيد لا حاجةَ إلى غيره. والثاني: أن ينتصب بـ"واذكر" مقدراً. والثالث: أن ينتصبَ بالانتهاءِ المحذوفِ في قوله: "إلا لأجل"، أي: ينتهي الأجل يوم يأتي. والرابع: أنه منصوبٌ بـ"لا تَكَلَّم" مقدَّراً، ولا حاجةَ إليه.
والجملةُ من قوله: "لا تَكَلَّمُ" في محلِّ نصبٍ على الحال من ضمير اليوم المتقدم في "مشهود"، أو نعتاً له لأنه نكرة. والتقدير: لا تَكَلَّم نفسٌ فيه إلا بإذنه، قاله الحوفي وقال ابن عطية: "لا تكلَّم نفسٌ" يَصِحُّ أن تكون جملةً في موضع الحال من الضمير الذي في "يأتي" وهو العائد على قوله: "ذلك يومٌ"، ويكون على هذا عائدٌ محذوف تقديره: لا تَكَلَّم نفسٌ فيه، ويصح أن يكون قوله: { لاَ تَكَلَّمُ نَفْسٌ } صفةً لقوله: "يوم يأتي".
وفاعلُ "يأتي" فيه وجهان، أظهرهما: أنه ضميرُ "يوم" المتقدِّم. والثاني: أنه ضمير اللَّه تعالىٰ كقوله:
{ هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَن يَأْتِيَهُمُ ٱللَّهُ } [البقرة: 210] وقوله: { أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ } . والضميرُ في قوله: "فمنهم" الظاهر عَوْدُه على الناس في قوله: { مَّجْمُوعٌ لَّهُ ٱلنَّاسُ }. وجعله الزمخشري عائداً على أهلِ الموقف وإن لم يُذْكَروا، قال: "لأنَّ ذلك معلومٌ؛ ولأن قوله: { لاَ تَكَلَّمُ نَفْسٌ } يدلُّ عليه"، وكذا قال ابنُ عطية.
قوله: { وَسَعِيدٌ } خبره محذوف: أي: ومنهم سعيدٌ، كقوله:
{ مِنْهَا قَآئِمٌ وَحَصِيدٌ } [هود: 100].