خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

كَأَن لَّمْ يَغْنَوْاْ فِيهَآ أَلاَ بُعْداً لِّمَدْيَنَ كَمَا بَعِدَتْ ثَمُودُ
٩٥
-هود

الدر المصون

قوله تعالى: { كَمَا بَعِدَتْ }: العامَّة على كَسْر العين من بَعِد يَبْعَد بكسر العين في الماضي وفتحها في المضارع بمعنى هَلَكَ. قال:

2701 ـ يَقُولون لا تَبْعَدْ وهم يَدْفِنونه ولا بُعْدَ إلا ما تُواري الصفائحُ

أرادت العرب أن تُفَرِّق بين المعنيين بتغيير البناء فقالوا: بَعُد بالضم ضد القرب، وبَعِد بالكسر ضد السَلامة، والمصدرُ البَعَد بالفتح في العين.
وقرأ السلمي وأبو حيوة "بَعُدت" بالضم أَخَذَه مِنْ ضدِّ القرب؛ لأنهم إذا هلكوا فقد بَعُدوا. ومِنْ هذا قولُ الشاعر:

2702 ـ مَنْ كان بينك في الترابِ وبينَه شِبْران فهو بغاية البُعْدِ

وقال النحاس: "المعروفُ في اللغة "بَعِد يَبْعَد بَعَداً وبُعْداً إذا هلك، وبَعُد يَبْعُد في ضد القرب". وقال ابن قتيبة: "بَعِد يَبْعَد إذا كان بعدَه هَلَكة، وبَعُد يَبْعُد إذا نَأَىٰ" فهو موافقٌ للنحاس. وقال المهدويُّ: "بَعُد يُسْتعمل في الخير والشر وبَعِد في الشرِّ خاصةً". وقال ابن الأنباري: "مِن العرب مَنْ يُسَوِّي بين الهلاك والبُعْد الذي هو ضدُّ القرب فيقول فيهما: بَعُد يَبْعُد، وبَعِد يَبْعَدُ وأنشدوا قولَ مالك:

2703 ـ يقولون لا تَبْعدْ وهم يَدْفِنونني وأين مكانُ البُعْدِ إلا مكانيا

قيل: يروى "لا تبعد" بالوجهين.
وفي هذه الآيةِ نوعٌ من علم البيان يُسَمَّى الاستطراد، وهو أن تمدحَ شيئاً أو تَذُمَّه، ثم تأتي آخر الكلام بشيءٍ هو غَرَضُك في أوله، قالوا: ولم يأتِ في القرآن غيره، وأنشدوا في ذلك قولَ حسان رضي اللَّه عنه:

2704 ـ إن كنتِ كاذبةَ الذي حَدَّثْتِني فَنَجَوْتِ مَنْجَىٰ الحارثِ بن هشام

تَرَكَ الأحِبَّةَ أَنْ يُقاتِلَ دونَهمْ ونجا برأسِ طِمِرَّةٍ ولِجامِ